يدخل اليوم الثاني من عملية الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة، وسط ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين وتفاقم الأزمة الإنسانية. أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، عن بدء عملية عسكرية "مكثفة" باتجاه قلب مدينة غزة، الأربعاء 17 أيلول، بهدف "حسم حركة (حماس) في معقلها عسكريًا وسلطويًا"، كما صرح عبر حسابه على منصة "إكس". وأكد أنه لا تراجع حتى تحقيق جميع أهداف الحرب واستعادة "المختطفين"، متهمًا حركة "حماس" بالتعنت في إطلاق سراحهم.
أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بمقتل 23 مدنيًا وإصابة آخرين جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ فجر الأربعاء. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وصول 98 قتيلاً و385 إصابة جديدة إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية، مشيرة إلى وجود ضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم.
وتيرة الهجوم
شهدت العملية البرية تصعيدًا عسكريًا اليوم، حيث تواصلت غارات الجيش الإسرائيلي على مناطق متفرقة في قطاع غزة، مستهدفة مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، ومحيط المستشفى المعمداني، ومنطقة المواصي في مدينة خان يونس، ومخيم النصيرات، وحي الشيخ رضوان. وذكر "تلفزيون فلسطين" أن الغارات تترافق مع قصف مدفعي وإطلاق نار وقنابل من المسيرات.
أعلن الجيش الإسرائيلي عن فتح طريق إضافي لمدة 48 ساعة، ليتمكن الفلسطينيون من استخدامه لمغادرة مدينة غزة، بهدف إخلائها من المدنيين و"مواجهة الآلاف من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)"، وفقًا لوكالة "رويترز".
توقف محطة الأكسجين
أكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن إسرائيل تمنع عمدًا محاولات منظمة الصحة العالمية لإدخال الوقود إلى مستشفيات محافظة غزة. وأشارت في بيان عبر صفحتها على "فيسبوك" إلى منع الجيش الإسرائيلي توريد الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في مستشفيات غزة، مما يهدد بتوقف الخدمة الصحية بشكل كامل. وحذرت من توقف عمل مجمع الصحابة الطبي، ومستشفى الخدمة العامة، ومحطة الأكسجين المركزية، وسيارات الإسعاف، ومستشفيات أخرى خلال أيام. واعتبرت أن توقف محطة الأكسجين المركزية وسيارات الإسعاف في محافظة غزة يعني كارثة صحية وإنسانية خطيرة.
أعلنت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات عن انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات الأرضية في محافظتي غزة وشمال غزة، بسبب استمرار "العدوان الإسرائيلي" واستهداف مسارات رئيسية للشبكة.
الخارجية الفلسطينية تحذر
حذرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، الأربعاء، من التعامل الدولي مع "جرائم الإبادة والتهجير والضم" التي تمارسها إسرائيل تجاه قطاع غزة. وأشارت إلى أن ردود فعل المجتمع الدولي والدول "متدنية" ولا ترتقي إلى مستوى المسؤوليات القانونية والأخلاقية تجاه التصعيد الحاصل في "جرائم الإبادة"، خاصة في مدينة غزة. وحملت الوزارة المجتمع الدولي المسؤولية المباشرة عن عجزه عن وقف "العدوان" وعدم قدرته على إعمال القانون الدولي والأوامر الاحترازية الصادرة عن محكمة العدل الدولية، وفشله في تأمين وصول احتياجات الإنسان الأساسية التي كفلها القانون الإنساني الدولي.
إدانات دولية
وصفت وزارة الخارجية الكندية الهجوم البري الإسرائيلي الجديد على مدينة غزة بأنه "مروع"، وأنه يفاقم الأزمة الإنسانية ويهدد إطلاق سراح الرهائن، مطالبة إسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي. وأكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن تركيا تؤمن بعالم "يكون فيه المحق قويًا وليس القوي محقًا، وإنها تكافح من أجل إقامة عالم هكذا"، وأنه لا يمكن لأحد منع تركيا من الوقوف بجانب "المضطهدين" في قطاع غزة. كما أدانت قطر العملية البرية الإسرائيلية للسيطرة على غزة، واعتبرتها "امتدادًا لحرب الإبادة الجماعية" بحق الشعب الفلسطيني، وانتهاكًا للقانون الدولي، محذرة من أن الجيش الإسرائيلي يسعى إلى تقويض فرص السلام في المنطقة.
مصير الرهائن بيد إسرائيل
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الثلاثاء 16 أيلول، أن مصير الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة تحدده حكومة نتنياهو، وأن ما تتعرض له مدينة غزة من "تدمير ممنهج وحملة إبادة فاشية" يهدد حياة الجنود الأسرى. وحملت حماس نتنياهو المسؤولية الكاملة عن حياة أسراه في قطاع غزة، والإدارة الأمريكية مسؤولية مباشرة عن "تصعيد حرب الإبادة في القطاع" بسبب الدعم وسياسة التضليل التي تنتهجها للتغطية على "جرائم الحرب" التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي.
خطة لاحتلال غزة
في 8 آب الماضي، أقر مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر (الكابينت) خطة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، للسيطرة العسكرية التدريجية على كامل قطاع غزة، وهو ما قوبل برفض دولي. وبحسب وكالة "رويترز"، تهدف الخطة إلى فرض سيطرة الجيش الإسرائيلي على مدينة غزة، مع تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين خارج مناطق القتال. وتنص الخطة على بدء الجيش الإسرائيلي التحرك نحو مناطق لم يدخلها سابقا "بهدف السيطرة عليها"، وتتضمن مراحل متعددة، تبدأ بتهجير سكان مدينة غزة نحو الجنوب بحلول 7 تشرين الأول، يليها تطويق المدينة، وتنفيذ عمليات اقتحام داخل الأحياء السكنية ومخيمات اللاجئين وسط غزة والمناطق التي يُعتقد أن هناك رهائن محتجزين فيها. وبمجرد انتهاء الإجلاء، ستفرض القوات الإسرائيلية حصارًا على مقاتلي "حماس" المتبقين، ومن المتوقع أن تُوجّه إسرائيل إنذارًا نهائيًا لـ"حماس" للاستسلام، وفي حال رفض الحركة، ستدخل القوات الإسرائيلية المدينة.