السبت, 22 نوفمبر 2025 12:49 PM

زيارة نتنياهو المفاجئة للجنوب السوري: تصعيد إسرائيلي في ظل مفاوضات متعثرة

زيارة نتنياهو المفاجئة للجنوب السوري: تصعيد إسرائيلي في ظل مفاوضات متعثرة

أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدلاً واسعاً بزيارة ميدانية مفاجئة إلى داخل الأراضي السورية العازلة في الجنوب، واعتبرت هذه الخطوة تصعيداً خطيراً وانتهاكاً للسيادة السورية والقانون الدولي.

تزامنت الزيارة مع تصعيد ميداني واسع النطاق، بما في ذلك توغلات برية متكررة وعمليات تفتيش واعتقالات في قرى ريفي القنيطرة ودرعا، مما يعكس إصراراً إسرائيلياً على تغيير الوضع القائم على الأرض.

تشير تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن نتنياهو يهدف من خلال هذه الزيارة إلى إرسال رسائل سياسية متعددة. وذكرت القناة “12” العبرية أن الزيارة تمت بحضور كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين الإسرائيليين، في المنطقة السورية العازلة التي تسيطر عليها إسرائيل منذ نهاية العام الماضي، وذلك في ظل الحديث عن تعثر المفاوضات بين سوريا وإسرائيل بوساطة دولية.

لا يقتصر الأمر على الزيارات السياسية، بل يتعداه إلى توسع عسكري ممنهج، حيث تواصل إسرائيل توغلاتها اليومية في القرى الحدودية، ونصب الحواجز المؤقتة، وتنفيذ عمليات تفتيش واعتقال طالت عدداً من السوريين.

العميد والمحلل العسكري عبد الهادي ساري يرى أن التوغلات الإسرائيلية ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي استمرار لسياسة توسعية ثابتة. ويقول لمنصة سوريا 24: “لن تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية، لأن المشروع الصهيوني منذ نشأته يعتمد على الاحتلال والتوسع”.

ويوضح ساري أن إسرائيل أنشأت 15 قاعدة عسكرية داخل المنطقة العازلة، تستخدمها لعمليات التوغل الميداني وفرض الحواجز وتفتيش المنازل، مشيراً إلى اعتقال نحو خمسين شاباً سورياً.

من جهتها، تفيد هيئة البث الإسرائيلية بأن الخلاف الجوهري في المفاوضات يتمحور حول الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب السوري، حيث تطالب دمشق بعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل 8 ديسمبر 2024، بينما تشترط إسرائيل توقيع اتفاق سلام شامل قبل أي انسحاب.

ويضيف العميد ساري أن زيارة نتنياهو الأخيرة هي استعراض قوة ورسالة سياسية مركبة، جاءت بعد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، في محاولة لرفض أي وساطة سعودية محتملة.

ويربط ساري التصعيد برسائل موجهة إلى روسيا وتركيا، قائلاً: “إسرائيل تريد منع أي تواجد عسكري سوري أو روسي في الجنوب، وتريد أيضاً أن تبعث برسالة إلى أنقرة بأن أي تقوية للجيش السوري لن تمر دون رد”.

ويختتم: “العقيدة الأمنية الإسرائيلية تستهدف تفكيك الدولة السورية عبر خلق كيانات طائفية أو سياسية”.

التحرك الإسرائيلي الأخير أثار إدانات عربية ودولية، بدأت من وزارة الخارجية السورية التي رأت في زيارة نتنياهو خرقاً واضحاً لخطوط وقف إطلاق النار واتفاقية فصل القوات لعام 1974، مروراً بمواقف رافضة من قطر والأردن وتركيا.

من جهته، يشرح الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش أن التحركات الإسرائيلية تأتي ضمن استراتيجية سياسية واضحة المعالم. ويقول لمنصة سوريا 24: “التصعيد الإسرائيلي الأخير يعود إلى رغبة إسرائيل في ممارسة ضغط مباشر على الرئيس أحمد الشرع، لدفعه إلى القبول باتفاق أمني تفرضه إسرائيل بشروطها الخاصة”.

ويضيف أن توقيت التصعيد مرتبط بزيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن، موضحاً: “ترى إسرائيل أن الشرع حصل على جرعة دعم أمريكية قوية من الرئيس ترامب، لذلك تتحرك لتأكيد أن موقفها لم يتأثر بالتقارب الأمريكي–السوري”.

كما يرى أن جزءاً من الرسائل موجه إلى تركيا أيضاً: “التنافس التركي الإسرائيلي في سوريا يُعد أحد المحركات الأساسية للسياسة العدوانية الإسرائيلية”.

ويؤكد علوش أن الذرائع الإسرائيلية حول مواجهة التمدد الإيراني ليست سوى غطاء سياسي: “هذه الذرائع مجرد ستار لتبرير سياسات توسعية تُقدَّم تحت شعار الأمن”.

ويختتم: “حتى الاتفاق الذي تحاول إسرائيل فرضه على دمشق ليس اتفاقاً مؤقتاً، بل محاولة لإضفاء شرعية على مشاريعها التوسعية بعيدة المدى”.

وسط كل ذلك، تؤكد التطورات الميدانية والسياسية في الجنوب السوري أن إسرائيل تسعى إلى فرض معادلات جديدة عبر القوة والضغط المباشر، مستغلة حالة التعثر في المفاوضات والفراغ السياسي الذي تلى سقوط النظام السابق. ومع تصاعد الإدانات العربية والدولية، يبقى الجنوب السوري ساحة مفتوحة على احتمالات متعددة.

مشاركة المقال: