الأحد, 23 نوفمبر 2025 08:16 PM

سوريا: ارتفاع الأسعار يطال كل شيء.. إلا جودة الحياة والخدمات

سوريا: ارتفاع الأسعار يطال كل شيء.. إلا جودة الحياة والخدمات

من نافذة إلى أخرى، بحثتُ يائسةً عن إشارة شبكة إنترنت قوية تكفي لإكمال عملي عن بعد. محاولات باءت بالفشل، لتزيد مستويات التوتر لديّ، ولا حلّ إلا بالخروج من المنزل.

سناك سوري-رحاب تامر

خرجتُ لأتنفس الصعداء بعيداً عن جدران منزلي المتواضع الذي استأجرته بما يتناسب مع ميزانيتي كعاملة تعمل أكثر من 12 ساعة يومياً. تذكرت فاتورة الموبايل المتأخرة، فتوجهت إلى أقرب محل. دفعت فاتورة الإنترنت البالغة 222 ألف ليرة، مقدّمةً أكثر من 20% من راتبي ثمناً لخدمة أوشكت أن تفتك بقلبي.

أنا من سوريا، حيث تُعامل جيوبنا كمورد لا ينضب، بينما يبقى تحسين الخدمات مجرد وعود مؤجلة. هذا لا يقتصر على فاتورة الاتصالات؛ فالمنطق يقول: "حسّن منتجك ثم ارفع سعره". لكننا في سوريا نعيش في دائرة "نفّذ ثم اعترض"، حيث تُرفع الأسعار أولاً، ثم يبدأ النقاش الذي ينتهي بانتصار وهمي.

قصة رفع أسعار الكهرباء مماثلة. لم ينتظر المسؤولون تحسن الأوضاع المعيشية وزيادة الرواتب وتدفق الاستثمارات، بل رفعوا فاتورة الكهرباء 600 ضعف، ثم طلبوا منا "التقنين". نحن معتادون على التقنين، لكن المشكلة تكمن في توفرها مع ارتفاع سعرها.

في الفندق الذي أقمت فيه مؤخراً، كان هناك "ميني بار" بأسعار خيالية. سعر قطعة البسكويت أعلى بخمسة أضعاف عن سعرها في الخارج. ماذا لو شعرت بالجوع ليلاً ولم تجد سواها؟ الأمر مشابه لشعور امتلاك الكهرباء في منزلك مع الخوف من استخدامها. هذا الوضع أقسى من التقنين القسري.

صديقتي التي تتقاضى راتباً بالدولار لم تهتم بسعر "بسكوتة الميني بار". يبدو أن العدالة الاجتماعية غائبة عن البسكويت وعن الكهرباء أيضاً.

كلما حاولت فهم هذه التفاصيل الصغيرة التي تحاصرني، أدركت أنها ليست تفاصيل، بل انعكاس لطريقة إدارة الخدمات والناس في البلاد، طريقة تجعل الفرد يظن أن المشكلة شخصية، بينما هي بنية متكررة يعيشها الجميع.

من رفع أسعار الخبز والمحروقات دون زيادة الرواتب، إلى رفع سعر الكهرباء والإنترنت، كل هذا يشعرني بفقدان قيمتي كمواطنة وإنسانة تحلم بالعيش في بلد يحترم حتى حيواناً ضالاً لم يجد ما يسدّ جوعه في حاوية القمامة!

مشاركة المقال: