الأحد, 20 أبريل 2025 11:26 AM

سوريا تفتح أبوابها للابتكار: إلغاء تراخيص التطبيقات الإلكترونية يشعل حماس رواد الأعمال

سوريا تفتح أبوابها للابتكار: إلغاء تراخيص التطبيقات الإلكترونية يشعل حماس رواد الأعمال

رحّب رائد الأعمال السوري مجاهد عقيل بقرار وزارة الاتصالات والتقانة القاضي بإلغاء التراخيص والرسوم المفروضة سابقًا على التطبيقات الإلكترونية، واعتبره «خطوة إيجابية» باتجاه فتح السوق أمام رواد الأعمال الشباب، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن البيئة التشريعية والبنية التحتية في سوريا لا تزال بحاجة إلى تطوير شامل.

وأكد عقيل لمنصة أنّ القرار الجديد يفتح الباب أمام التجريب الحر للأفكار التقنية، ويمنح الشباب مساحة للعمل دون قيود بيروقراطية، مضيفًا: “ما زلنا نفتقد حاضنات أعمال حقيقية، ومستثمرين ملائكيين، وشركات متخصصة تدعم رواد الأعمال تقنيًا وتمويليًا”، وأنه “رغم وجود شباب مبدعين وأفكار قوية، إلا أن القوانين القديمة كانت تخنق المشاريع منذ ولادتها”.

وأوضح أنه بدأ بالفعل الاستثمار داخل سوريا حتى قبل صدور القرار، من خلال تطبيق إلكتروني لتأجير البيوت يُشبه منصة “Airbnb”، مشيرًا إلى أنه يعمل حاليًا على توسيع الفريق وإطلاق مشروع تقني جديد في السوق المحلي.

من التضييق الأمني إلى تشجيع الابتكار

حتى وقت قريب، واجه رواد الأعمال في سوريا بيئة خانقة بسبب منظومة تراخيص صارمة فُرضت في عهد النظام السابق، وتحديدًا منذ العام 2020، حيث كانت الجهات الأمنية تشترط موافقات متعددة، وتطلب أحيانًا الوصول المباشر إلى قواعد بيانات التطبيقات.

وكان على المطورين المرور بمرحلتين للحصول على ترخيص: “تصريح أولي” يتبعه “ترخيص نهائي”، ضمن نظام بيروقراطي معقد ومكلف.

وفي عام 2023، أصدر النظام السابق قرارًا يُلزم جميع التطبيقات بإعادة الترخيص لدى “الهيئة الناظمة للاتصالات”، مع إحالة مهمة فحص التطبيقات إلى “الهيئة الوطنية لتقانة المعلومات”، ما أدى إلى تعقيد الإجراءات أكثر.

لكن بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي، بدأت مشاورات مكثفة بين رواد الأعمال ووزير الاتصالات في حكومة تسيير الأعمال، وبرزت دعوات متزايدة لإعادة فتح السوق أمام جميع المبادرات، وهو ما تحقق لاحقًا في عهد الحكومة الجديدة بقرار من الوزير الحالي عبد السلام هيكل بإلغاء الرسوم والتراخيص المفروضة على التطبيقات.

وأكد عقيل أن الممارسات السابقة لم تكن تعرقل الإبداع فقط، بل كانت تهدد خصوصية المستخدمين وتقوّض استقلالية الشركات الناشئة، مشيرًا إلى أن الحصول على ترخيص كان يتطلب مبالغ ضخمة، وطوابعَ حكوميةٍ، وتعهداتٍ أمنيةٍ، وأشهرٍ من الانتظار غير المبرر.

قرار حكومي يشجّع المبادرات التقنية

من جانبه، أوضح محمد عجم، عضو غرفة تجارة حلب ومؤسس عدد من التطبيقات التقنية، أنّ القرار الجديد يشكل تطورًا مهمًا لفتح المجال أمام رواد الأعمال الشباب. لكنه حذر في الوقت ذاته من أن زيادة عدد التطبيقات في السوق، وظهور مبادرات ذات رأسمال محدود، قد تؤدي إلى منافسة غير متكافئة مع المشاريع القائمة.

وقال عجم لمنصة سوريا 24: “هناك شباب يمتلكون أفكارًا جيدة ويموّلونها ذاتيًا بمبالغ صغيرة لا تتجاوز ألفي دولار، وهذا قد يؤدي إلى دخول عدد كبير من التطبيقات إلى السوق في الوقت ذاته، مما يخلق حالةً من الفوضى والمنافسة العشوائية”.

إلا أن عقيل خالفه الرأي، مؤكدًا أن فتح السوق أمام المبادرات الشبابية ينعش بيئة الابتكار ويزيد من فرص الإبداع والمنافسة العادلة، وقال: “الأفكار القوية هي التي ستبقى وتنجح، وسترفد خزينة الدولة بالعوائد، ومن واجب الحكومة أن تأخذ بيد الشباب المبادر وتوفر لهم التسهيلات والدعم”.

عدد التطبيقات في السوق السورية

أشار محمد عجم إلى أن عدد الطلبات غير المستكملة سابقًا لدى الهيئة الناظمة للاتصالات بلغ 211، في حين لم يتجاوز عدد التطبيقات المرخصة 55 تطبيقًا. أما عدد التطبيقات الفعالة حاليًا في السوق فيتراوح بين 40 و50، بينما يُقدّر عدد التطبيقات الخاملة بنحو 100 تطبيق.

وأوضح أن القرار الجديد قد يؤدي إلى عودة نحو 80 تطبيقًا كانت قد توقفت عن العمل بسبب القيود السابقة، ما يعني دخول دفعة جديدة من الخدمات الرقمية إلى السوق السوري.

وبيّن عجم أن التطبيقات المنتشرة في سوريا تتركز في عدة قطاعات، من بينها: “نقل الركاب، توصيل الطعام، التسوق الإلكتروني، الخدمات الطبية، والتطبيقات التعليمية المرتبطة بالجامعات والمدارس”.

بيئة رقمية جديدة برؤية وطنية

وكان وزير الاتصالات والتقانة، المهندس عبد السلام هيكل، قد أعلن رسميًا عن قرار إلغاء الرسوم والتراخيص المفروضة على تقديم الخدمات عبر التطبيقات الإلكترونية، مؤكدًا أن الخطوة تأتي ضمن استراتيجية وطنية جديدة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي، وتحفيز المبادرات الريادية.

وأوضح هيكل، في تصريح لوكالة سانا، أن القرار يشكل تحولًا جوهريًا نحو نموذج رقمي حديث يواكب التطورات العالمية، ويضمن حقوق المستخدمين، ويشجع أصحاب الأفكار التقنية على دخول السوق السورية دون حواجز إدارية أو أمنية.

وأشار إلى أن الوزارة بصدد إطلاق مبادرات جديدة خلال الأسابيع المقبلة لدعم رواد الأعمال، مؤكدًا على أهمية دور الهيئة الناظمة للاتصالات في تسهيل التحول الرقمي.

دعوات لتحديث شامل في القوانين الرقمية

وسبق أن دعا تجمّع رواد الأعمال في سوريا، بالشراكة مع مجتمع «ديجيتال سوريا»، إلى تعليق العمل بالتعميم رقم 1/44، الصادر مطلع عام 2025، والمتعلق بإلزام التطبيقات بالحصول على ترخيص مسبق من الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد.

وأكد التجمع أن التعميم يستند إلى أنظمة وُضعت في عهد النظام السابق، بهدف فرض رقابة أمنية واحتكار السوق الرقمي، ما يتعارض مع مبادئ الاقتصاد المفتوح والبيئة المبتكرة.

وطالب التجمع بإجراء مراجعة شاملة للتشريعات الناظمة للقطاع الرقمي، تتضمن وضع ضوابط لحماية خصوصية المستخدمين، وتحديد آليات قانونية واضحة للتدخل في البيانات، بما لا يمس الحقوق إلا بأوامر قضائية.

كما عبّر عن استعداده الكامل للتعاون مع وزارة الاتصالات في بناء إطار قانوني حديث يدعم الابتكار، ويُعزز ثقة المستثمرين، ويسهم في إعادة بناء الاقتصاد السوري على أُسسٍ رقميةٍ مستدامةٍ.

مشاركة المقال: