الثلاثاء, 19 أغسطس 2025 01:16 AM

سوريا على حافة أزمة غذاء غير مسبوقة: الجفاف يهدد بإنتاج قياسي منخفض للقمح

سوريا على حافة أزمة غذاء غير مسبوقة: الجفاف يهدد بإنتاج قياسي منخفض للقمح

تواجه سوريا خطر الوقوع في أزمة غذائية حادة، وذلك نتيجة أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ 36 عامًا، مما أدى إلى انخفاض إنتاج القمح بنسبة تقدر بنحو 40%. هذا النقص يضع ضغوطًا إضافية على الحكومة التي تعاني بالفعل من نقص في السيولة، ويعيق قدرتها على تأمين مشتريات كبيرة من القمح.

أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في ردوده على أسئلة من رويترز، أن حوالي ثلاثة ملايين سوري قد يواجهون خطر الجوع الشديد، دون تحديد إطار زمني محدد. وأضاف البرنامج أن أكثر من نصف السكان، البالغ عددهم حوالي 25.6 مليون نسمة، يعانون حاليًا من انعدام الأمن الغذائي.

وفي تقرير صدر في يونيو حزيران، قدرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن سوريا ستواجه نقصًا في القمح يقدر بنحو 2.73 مليون طن هذا العام، وهي كمية تكفي لإطعام حوالي 16 مليون شخص لمدة عام كامل.

يمثل هذا الوضع تحديًا كبيرًا للرئيس أحمد الشرع وحكومته، التي تسعى جاهدة لإعادة بناء سوريا بعد حرب أهلية استمرت 14 عامًا والإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر كانون الأول.

يعتبر القمح المحصول الأهم في سوريا، فهو أساس برنامج الخبز المدعوم من الدولة، ويمثل غذاءً رئيسيًا على موائد السوريين. ومع ذلك، تواجه الحكومة السورية صعوبات في حشد الدعم الدولي لشراء كميات كبيرة من الحبوب.

تحدثت رويترز مع مسؤول سوري وثلاثة تجار وثلاثة من موظفي الإغاثة ومصدرين من القطاع على دراية مباشرة بجهود شراء القمح، وأكدوا على ضرورة زيادة الواردات والتمويل لمواجهة العجز الوشيك. وأشار المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إلى أن الحكومة الجديدة اشترت 373500 طن فقط من القمح من المزارعين المحليين هذا الموسم، وهو ما يمثل حوالي نصف كمية العام الماضي. وأضاف المصدر أن الحكومة تحتاج إلى استيراد نحو 2.55 مليون طن هذا العام، لكن دمشق لم تعلن حتى الآن عن أي صفقات كبيرة لاستيراد القمح وتعتمد على شحنات صغيرة تبلغ نحو 200 ألف طن إجمالا من خلال عقود مباشرة مع مستوردين محليين، حسبما قال المصدران بالقطاع، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما بسبب حساسية الأمر. ولم تستجب وزارة الإعلام لطلب التعليق.

وقال طوني العتل ممثل الفاو في سوريا لرويترز "نصف السكان مهددون بالمعاناة من الجفاف خاصة عندما يتعلق الأمر بتوفر الخبز وهو الغذاء الأكثر أهمية خلال الأزمة".

حتى الآن، لم تتلق سوريا سوى مساعدات طارئة محدودة، بما في ذلك 220 ألف طن من القمح من العراق و500 طن من الدقيق (الطحين) من أوكرانيا.

أظهرت بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن سوريا تستهلك حوالي أربعة ملايين طن من القمح سنويًا، ومن المتوقع أن ينخفض الإنتاج المحلي إلى حوالي 1.2 مليون طن هذا العام، بانخفاض 40 بالمئة عن العام الماضي.

وقال نزيه الطرشة الذي تمتلك عائلته ستة هكتارات من الأراضي في محافظة حمص منذ عام 1960 "هذا أسوأ عام منذ أن بدأت في الزراعة".

ولم يحصد عباس عثمان، وهو مزارع قمح من القامشلي وهي جزء من منطقة سلة الخبز السورية في محافظة الحسكة بشمال شرق البلاد، حبة قمح واحدة. وقال لرويترز "زرعنا 100 دونم (ستة هكتارات) ولم نحصد شيئا".

وذكرت الفاو أن 40 بالمئة فقط من الأراضي الزراعية زرعت هذا الموسم، وأتلف الجفاف الكثير منها لا سيما في المناطق الرئيسية المنتجة للغذاء مثل الحسكة وحلب وحمص.

وذكر المصدر الرسمي أن الحكومة شجعت المزارعين المحليين على بيع ما أنقذوه من محاصيلهم بسعر 450 دولارا للطن، أي ما يزيد بنحو 200 دولار للطن عن سعر السوق.

وقال الطرشة المزارع من حمص "عندما يكون المحصول جيدا، يمكنني بيع حوالي 25 طنا للحكومة من ستة هكتارات، لكنني تمكنت هذا العام من بيع ثمانية أطنان فقط". وأضاف "اضطررت إلى إطعام الباقي لماشيتي لأنه غير صالح للاستهلاك البشري"، وعبر عن أمله في هطول المزيد من الأمطار في ديسمبر كانون الأول مع انطلاق موسم الزراعة الجديد.

قبل الحرب الأهلية، كانت سوريا تنتج ما يصل إلى أربعة ملايين طن من القمح وتصدر حوالي مليون طن منها.

في تحول كبير في السياسة الأمريكية في مايو أيار، قال الرئيس دونالد ترامب إنه سيرفع العقوبات المفروضة على سوريا والتي كانت تهدد بعرقلة تعافيها الاقتصادي. وتقدر وزارة الزراعة الأمريكية أن سوريا ستحتاج إلى استيراد كمية قياسية من القمح تبلغ 2.15 مليون طن في موسم 2025-2026 بزيادة قدرها 53 بالمئة عن العام الماضي. ومع ذلك، لم تعلن بعد المؤسسة العامة لتجارة وتخزين وتصنيع الحبوب، (السورية للحبوب)، وهي الوكالة الرئيسية لشراء الحبوب في سوريا، عن استراتيجية جديدة للمشتريات. ولم ترد المؤسسة على أسئلة رويترز حول هذه المسألة. وذكر مصدرين مطلعين أن واردات القمح تواجه تأخيرات في سداد قيمتها بسبب الصعوبات المالية على الرغم من رفع العقوبات. ولم تقيد العقوبات الغربية المفروضة على سوريا في عهد الأسد واردات الغذاء، لكن القيود المصرفية وتجميد الأصول جعلت من الصعب على معظم الشركات التجارية التعامل مع دمشق. وقالت مصادر لرويترز بعد الإطاحة بالأسد إن روسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم والتي كانت داعمة قوية للرئيس المخلوع، كانت موردا ثابتا لكنها أوقفت الإمدادات إلى حد كبير منذ ديسمبر كانون الأول بسبب تأخير المدفوعات وشكوكها حيال الحكومة الجديدة. (REUTERS)

مشاركة المقال: