الأحد, 18 مايو 2025 11:22 PM

سوريا وأذربيجان: شراكة جديدة تعزز المصالح المتبادلة وتفتح آفاقًا للتعاون الاقتصادي والسياسي

سوريا وأذربيجان: شراكة جديدة تعزز المصالح المتبادلة وتفتح آفاقًا للتعاون الاقتصادي والسياسي

عنب بلدي – أمير حقوق بعد عزلة سياسية لسنوات طويلة، تحطّم دمشق حاجز الوحدة، وتخطو نحو إقامة علاقات مع نظرائها، كمحاولة لإعادة مكانتها الدولية. وترسم شبكة العلاقات الجديدة لدمشق، تموضعها الجديد، أقرب إلى المعسكر الغربي، ما بدا بوضوح بالاتفاق مع الولايات المتحدة، وبعلاقات مع دول لم تحظ خلال حكم الأسد بحضور في سوريا، كأذربيجان وكوريا الجنوبية.

ويترجم الانفتاح السياسي العربي والدولي، الذي يطرأ على المشهد السوري، بالوفود الدولية إلى سوريا، والزيارات الرسمية التي يجريها الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أو وزير الخارجية، أسعد الشيباني.

منفعة متبادلة

ومن ضمن الوفود التي حطت بدمشق، الوفد الأذربيجاني، المتمثل بنائب رئيس مجلس الوزراء، سمير شريفوف، في 4 من أيار، والذي التقى مع الرئيس الشرع، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين. وأعادت جمهورية أذربيجان فتح سفارتها في سوريا، في 4 من كانون الثاني، بعد انقطاع دام 12 عامًا، كخطوة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

المحلل السياسي حسن النيفي يرى، في حديث إلى عنب بلدي، أن زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء في أذربيجان إلى سوريا، تجسد رغبة أذربيجان في التأسيس لعلاقات جديدة بعد التحول الكبير الذي جرى في بنية الحكم في دمشق. وأوضح أن ذلك يأتي انطلاقًا من رؤية أذربيجان إلى سوريا باعتبارها نواة للاستراتيجيات السياسية الكبرى في الشرق الأوسط.

وعزا ذلك إلى موقعها الجغرافي المتاخم لإسرائيل من جهة، ولكونها كانت في عهد الأسد مرتكزًا جغرافيًا لسياسات إيران تجاه دول المنطقة، وزوال الأسد ربما يفتح أمام أذربيجان أفقًا جديدًا لأخذ دور فاعل في المنطقة.

الباحث في الشؤون العربية والإفريقية علي فوزي قال، لعنب بلدي، إن الزيارة تحمل دلالات سياسية عميقة، إذ تأتي في إطار إعادة التموضع الإقليمي لسوريا، وانفتاحها على شركاء جدد بعد سنوات من العزلة السياسية. وتؤشر العلاقة بين البلدين إلى مرحلة جديدة في علاقات سوريا الخارجية، لا سيما مع دول آسيا الوسطى.

ويرى أن أذربيجان تنظر إلى سوريا كطرف فاعل في المعادلة الإقليمية، خاصة في ظل التقاطعات الجيوسياسية المرتبطة بالشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

وسيط بين سوريا وإسرائيل

وتسعى سوريا اليوم لكسب المصالح السياسية والاقتصادية مع أي دولة تستأنف علاقتها معها، كخطوة لترتيب مكانتها وتوظيف تلك العلاقات بخدمة أولوياتها. ويعتقد المحلل السياسي حسن النيفي أن التواصل بين أذربيجان وسوريا مرتبط بالتوترات الأمنية بين سوريا وإسرائيل، وتتطلع أذربيجان، بما تملكه من علاقات إيجابية مع إسرائيل، إلى أن تنهض بدور وسيط بين الطرفين من شأنه أن ينتهي إلى تسوية سياسية تخول أذربيجان أن تعتبرها منجزًا سياسيًا.

ولا يمكن تجاهل الدور التركي في هذا السياق، إذ شهدت أذربيجان لقاءات متكررة بين الجانب التركي والإسرائيلي بغية التفاوض وإبرام تفاهمات بخصوص المناكفات بين أنقرة وتل أبيب على الجغرافيا السورية.

وأشار الباحث في الشؤون العربية والإفريقية علي فوزي، إلى أن توطيد العلاقات بين سوريا وأذربيجان يمكن أن يفتح آفاقًا واسعة في مجالات الدبلوماسية والاقتصاد والطاقة. وأكد أن الدعم السياسي المتبادل وتعزيز القنوات الرسمية بين البلدين، قد يسهمان في كسر العزلة المفروضة على دمشق، وخلق توازنات جديدة تخدم مصالحها، لا سيما في المحافل الدولية.

وأوضح أن سوريا تستطيع الاستفادة من النموذج الأذربيجاني في بناء علاقات متوازنة مع القوى الكبرى مثل روسيا وتركيا. وتطرق إلى أن أذربيجان تلعب دورًا في دعم الموقف السوري في المنظمات الدولية والإقليمية، إلى جانب إمكانية التعاون الاقتصادي من خلال تبادل الخبرات في مجال الطاقة وتنويع الشراكات.

تعزيز دورها في المنطقة

أما عن مكاسب أذربيجان ومصالحها في سوريا، يرى المحلل السياسي حسن النيفي أن أذربيجان تطمح، وبما تملكه من علاقات جيدة مع تركيا، أن يكون لها دور في سوريا بما يخص الصراع العربي- الإسرائيلي، فضلًا عن رغبتها بأن يكون لشركاتها نصيب في عملية إعادة الإعمار والاستثمار في سوريا.

“باكو تدرك أهمية الموقع الجغرافي والسياسي لسوريا في قلب الشرق الأوسط، وتسعى إلى تعزيز حضورها في المنطقة من خلال مشاريع النقل والطاقة وشراكات استراتيجية تُمكّنها من توسيع نفوذها الدبلوماسي”، وفق الباحث علي فوزي.

وختم فوزي حديثه بالتأكيد على أن تعزيز العلاقات مع دمشق يخدم أهداف أذربيجان في بناء توازن سياسي جديد في المنطقة، لا سيما في ظل التغيرات المتسارعة على المستويين الإقليمي والدولي.

العلاقة اقتصاديًا

عقد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، محمد نضال الشعار، اجتماعًا مع نائب رئيس مجلس الوزراء الأذربيجاني، سمير شريفوف، في 5 من أيار، لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين. وناقش الجانبان فرص تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، مما يسهم في فتح آفاق جديدة للتبادل التجاري والتنمية المشتركة في قطاعات متنوعة.

الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي، قال لعنب بلدي إن التعاون بين سوريا وأذربيجان، يولد العدد من الفرص الاستثمارية، والفرص التعاونية بين البلدين، كون المناخ الاقتصادي بأذربيجان، مناخ متطور، وتستطيع سوريا الاستفادة من هذا المناخ.

وبحسب قضيماتي، من أبرز القطاعات التي يمكن التعاون فيها، قطاع الزراعة، كون أذربيجان متطورة جدًا بالزراعات الذكية، وخاصة في الظروف شبه الجافة، وهذا يرتبط بجفاف المياه الذي تعانيه سوريا حاليًا، ويعتبر هذا التعاون خطوة أولى بين البلدين.

ولفت إلى أهمية قطاع الطاقة كالنفط والغاز، فيمكن لسوريا الاستفادة من العلاقة الاقتصادية لها مع أذربيجان أن تطور حقول النفط، وتستكشف حقول جديدة. “ولا يهمل القطاع التكنولوجي والاستفادة من الخبرات الأذربيجانية بهذا القطاع”، وفقًا لقضيماتي، وذلك من خلال توطين القطاع بسوريا بشكل أساسي، فدائمًا تتم الدعوة لعدم استيراد التكنولوجيا، ولكن يوجه لتوطين هذه الصناعة في سوريا، وهذا يحتاج لمراكز بحوث واستثمارات ضخمة، وعند الاستفادة من خبرات الدول الأخرى كأذربيجان.

مشاركة المقال: