الطريق إلى مدينة كفرنبل، جوهرة الثورة السورية في ريف إدلب الجنوبي، الذي كان بالأمس القريب ملغوماً بالعبوات الناسفة التي زرعها النظام البائد، يفوح اليوم برائحة الأحلام والإصرار على الحياة. هذه المدينة الباسلة، التي قدم أهلها أبطالاً فداءً للأرض والكرامة في وجه النظام البائد، تشهد عودة تدريجية رغم حجم الدمار.
٧٠ % من المدينة مدمر، و ٣٠ % مدمر جزئياً وقابل للسكن.
خلال جولة إعلامية، التقت صحيفة "الحرية" بالأهالي العائدين إلى المدينة، التي لا تختلف عن معظم مدن وبلدات ريف إدلب الجنوبي من حيث حجم الخراب الذي خلفته الحرب الفاشية للنظام البائد، محولة إياها إلى مدينة أشباح. لكن الأهالي يتمسكون براية الأمل.
الأمل بالعودة
على الطرقات الممتدة بين مدينة كفرنبل والشمال السوري، وعلى مداخل المدينة المنكوبة، تتقاطر العائلات العائدة، مدفوعة برغبة جامحة في العثور على مأوى. استمرار الحياة في كفرنبل الجريحة، العالقة بين الأنقاض، يؤلمها ليس الركام بحد ذاته، بل عودتهم إليها وهي غير قادرة على استقبالهم واحتضانهم.
واقع مؤلم
حلم العودة الذي طالما راود السوريين المهجرين والنازحين، تصطدم بتحقيقه حقيقة مرة تتمثل في الدمار والخراب الذي خلفته الحرب. اليوم، ومن خلال إزالة الأنقاض وفتح الطرقات، نخطو خطوات أولية نحو التعافي وإنعاش المجتمعات المتضررة من حرب نظام الأسد، تمهيداً لإعادة الإعمار وإحياء سوريا.
دمار شامل في المدينة
بهذه الكلمات بدأ عبدو الداني، مسؤول العلاقات العامة في المجلس المحلي لمدينة كفرنبل، حديثه، مضيفاً أن مشروع إزالة الأنقاض والمبادرات المجتمعية في المحافظات السورية يمثل تحقيقاً جزئياً لحلم بناء سوريا وإعادة الحياة إليها بعد سنوات الحرب والدمار والقتل الذي مارسه نظام الأسد.
وتابع الداني لصحيفة "الحرية" أن عدد العائلات العائدة إلى كفرنبل بلغ ١٥٠٠ من أصل ٨ آلاف عائلة، مشيراً إلى أن ٧٠ % من المدينة مدمر، و ٣٠ % مدمر جزئياً وقابل للسكن بعد الترميم. كما لفت إلى الاعتداء الكامل على الثروة الزراعية، حيث تم قطع واقتلاع الأشجار المثمرة كالزيتون والتين بشكل متعمد، ما أدى إلى واقع زراعي كارثي.
وأكد الداني وجود وعود من مختلف الجهات المعنية بالوقوف إلى جانبهم في إعادة الروح إلى كفرنبل قدر الإمكان، مشيراً إلى أن المجلس المحلي يعمل بشكل تطوعي ويواجه تحديات كبيرة بسبب نقص الموارد. وأضاف أن المنظمات تتحمل عبئاً كبيراً.
وكشف الداني عن معاناة كفرنبل من تدمير البنية التحتية وسرقتها من قبل النظام البائد خلال سنوات الحرب، حيث تم تخريب شبكة الصرف الصحي وغرف التفتيش، وفقدان ما يقارب (٣٥٠- ٤٠٠) غطاء، في حين أن وضع حوالي ٧٠٠ غطاء آخر للمياه والصرف الصحي مطمورة غير معروف.
هكذا تعود كفرنبل
من جانبه، يرى الدكتور جمال العبدالله، ابن كفرنبل وأحد الشخصيات الثقافية والعلمية فيها، أن إعمار كفرنبل يبدأ بإعادة الأمان. وتتلخص الأولويات في إزالة مخلفات الحرب، وتأمين البلدة بتنظيف الشوارع من الألغام والمخاطر، وإزالة الأنقاض، وإعادة البنية التحتية للصرف الصحي والطرق والمياه والكهرباء.
ويضيف العبدالله أن إعادة إحياء الزراعة، ودعم الفلاحين بالشتلات والمعدات ضروري وملح، نظراً لاعتماد الأهالي على هذا القطاع. كما تحتاج كفرنبل إلى إعادة بناء المنازل والمرافق العامة، وإطلاق برامج دعم نفسي واجتماعي، وإحياء الحركة الاقتصادية عبر المشاريع الصغيرة، ودعم التجار والحرفيين، وتقديم قروض ميسرة لإعادة بناء أو ترميم المنازل وإعادة زراعة الأشجار.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية