السبت, 18 أكتوبر 2025 08:35 PM

غموض يكتنف مصير دمج "قسد" في الجيش السوري: هل هو اتفاق أم تكتيك مرحلي؟

غموض يكتنف مصير دمج "قسد" في الجيش السوري: هل هو اتفاق أم تكتيك مرحلي؟

تجدد الجدل السياسي والعسكري في سوريا بعد تصريحات مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حول "اتفاق مبدئي" مع الحكومة السورية لدمج قواته في الجيش السوري، واصفًا الخطوة بأنها "مؤسسية". تثير هذه التصريحات، التي تبدو من طرف واحد، تساؤلات حول مدى صحتها وموقف دمشق، مع غياب أي إعلان رسمي من الحكومة السورية.

أوضح عبدي في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" أن الدمج سيتم على مستوى "التشكيلات العسكرية الكبيرة" التابعة لوزارة الدفاع السورية، وليس على مستوى الأفراد. وأشار إلى أن "عدد القوات المعنية بالدمج يصل إلى عشرات الآلاف من المقاتلين، إضافة إلى قوات الأمن الداخلي"، وأن الاجتماعات في دمشق تناولت التنسيق العسكري والسياسي المستقبلي. وأقر بأن "الأحداث الأخيرة في الساحل والسويداء" أخرت تنفيذ اتفاق 10 آذار مع الحكومة السورية.

في المقابل، يرى المحلل السياسي حمزة المحيمد أن تصريحات عبدي "محاولة جديدة من قسد للمناورة وكسب الوقت". وأوضح لمنصة سوريا 24 أن "قسد" عمدت إلى تأخير تنفيذ اتفاق 10 آذار 2025، وتأمل في تغيير موازين القوى، وأن الضغوط التركية والموقف الأمريكي أجبرتها على التفاوض مع دمشق. وأضاف أن "بعد الرسائل الأمريكية التي نقلها المبعوث توم بارك، والتي أكدت على وحدة الأراضي السورية ونفت أي حديث عن الفيدرالية، وجدت قسد نفسها أمام خيار وحيد: العودة إلى الالتزام بالاتفاق. لكنها تحاول في كل مرة أن تطرح مبادرات إعلامية لتوهم جمهورها بأنها ما زالت قادرة على فرض الشروط على دمشق". وأكد أن دمشق رفضت مقترح عبدي، متمسكة بتنفيذ اتفاق آذار دون تعديلات.

ويرى المحيمد أن دمج قوات قسد في الجيش العربي السوري بند سيادي لا يمكن العبث به، وأن الجيش يجب أن يكون موحدًا تحت قيادة الدولة المركزية. ويختم بأن عبدي يدرك أن "التيار القنديلي" الموالي لحزب العمال الكردستاني داخل قسد يعرقل تطبيق الاتفاق.

من جانبه، يعتبر شكري شيخاني، عضو المجلس العام في مجلس سوريا الديمقراطية “مسد”، أن تصريحات عبدي تعكس واقعًا ميدانيًا، وأن "ما قاله لا ينتقص من مصداقيته، حتى لو صدر من طرف واحد". وأكد لمنصة سوريا 24 أن "مظلوم عبدي لا يتحدث من فراغ، بل من حقائق ميدانية ملموسة، وقوات سوريا الديمقراطية أثبتت خلال السنوات الماضية أنها عنصر أساسي في المعادلة العسكرية داخل سوريا". وأضاف أن الحكم اللامركزي هو "الحل الأنسب لسوريا المستقبل"، وأن قسد تمتلك الخبرة لتكون شريكًا في إعادة بناء الجيش السوري.

بالتزامن مع ذلك، كشفت تقارير إعلامية عن تحرك تركي لتعزيز وجودها الأمني والعسكري في الشمال السوري. ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن مسؤولين أتراك أن أنقرة تخطط لتزويد دمشق بمعدات عسكرية متنوعة، ضمن صفقة تسمح باستهداف المسلحين الأكراد على الحدود المشتركة. ورفضت الرئاسة التركية ووزارة الإعلام السورية التعليق.

وفي تطور لافت، بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع نظيره السوري أسعد الشيباني، عبر اتصال هاتفي، نتائج الاجتماع الأمني الذي عقد مؤخرًا في أنقرة. وقالت مصادر دبلوماسية تركية إن الاتصال تطرق إلى ملف التنسيق العسكري والأمني، ومتابعة القضايا التي نوقشت خلال اللقاء الذي ضم كبار المسؤولين الأمنيين من الطرفين.

في الختام، يظل ملف دمج "قسد" في الجيش السوري عالقًا بين حسابات داخلية وإقليمية، وبين رؤية "قسد" للعملية كخطوة نحو الشرعية، وتمسك دمشق بالاندماج وفق شروط الدولة، وضغوط تركيا والولايات المتحدة. ويبقى السؤال: هل يُترجم اتفاق آذار إلى واقع، أم تبقى تصريحات قسد مجرد رسائل سياسية؟

مشاركة المقال: