بعد شهر من التحركات التي شهدها الساحل السوري، والتي وصفت بأنها الأعنف منذ سقوط النظام، لا تزال الأحداث تتفاعل في الأوساط الإعلامية والحقوقية. بدأت التحركات في مدن اللاذقية وطرطوس، وقُتل خلال شهر آذار الماضي أكثر من 1500 شخص، معظمهم من المدنيين، على خلفيات طائفية، وفقًا لتقارير حقوقية.
برز اسم العميد في جيش النظام السابق، غياث دلا، كأحد أبرز القادة الذين وقفوا خلف هذه التحركات، حيث أدار ما وصف بعملية "الفلول العسكرية". هذا ما صرح به القيادي السابق في ميليشيا "صقور الصحراء"، محمد جابر، لقناة "المشهد" في 8 نيسان الحالي.
"تحرير سوريا"
في 6 آذار الماضي، تصاعدت الأحداث، وعادت أصداء المعارك إلى الساحة السورية بعد هدوء دام ثلاثة أشهر عقب سقوط النظام. ظهر "البيان رقم واحد" معلنًا عن انطلاق ما سمي بـ"المجلس العسكري لتحرير سوريا"، بتوقيع دلا.
ذكر البيان أن "المجلس" يتكون من قادة القوات المسلحة السورية (ضباط وعناصر النظام السابق والميليشيات الرديفة)، وحدد ستة أهداف:
- "تحرير" الأراضي السورية من جميع القوى "المحتلة والإرهابية".
- إسقاط النظام القائم وتفكيك أجهزته "القمعية الطائفية".
- حماية أرواح وممتلكات المواطنين السوريين.
- إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية وديمقراطية.
- تهيئة الظروف لعودة اللاجئين والنازحين.
- إقامة دولة موحدة ذات سيادة، تحترم حقوق الإنسان وتضمن العدالة والمساواة لجميع أبنائها.
لم تتمكن عنب بلدي من التأكد من صحة البيان، لكن مقربين من النظام السابق، بمن فيهم رامي مخلوف، اتهموا دلا بالتخطيط لعمليات الساحل.

من هو غياث دلا؟
على الرغم من أن بيان تأسيس "المجلس العسكري" وعد بتهيئة الظروف لعودة اللاجئين وتفكيك "الأجهزة القمعية"، فإن دلا نفسه متهم بالانتماء إلى هذه الأجهزة وارتكاب مجازر أدت إلى هجرة الملايين من السوريين.
غياث سليمان دلا، من مواليد 1971، ينحدر من بلدة بيت ياشوط التابعة لمدينة جبلة في ريف اللاذقية. قاد "قوات الغيث" التابعة لـ"الفرقة الرابعة" تحت إمرة ماهر الأسد. انخرط مبكرًا في السلك العسكري، بدءًا بـ"اللواء 42" بقيادة ماهر الأسد قبل أن يصبح قائدًا لـ"الفرقة الرابعة".
مع انطلاق الثورة السورية في 2011، شارك دلا في قمع المدن الثائرة، وكان قائد "اللواء 42"، ويتهم بارتكاب مجازر في مدن الغوطة (داريا والمعضمية)، واعتقال آلاف المدنيين. كما شارك مع "الفرقة الرابعة" في تهجير سكان القابون وقصف المليحة في 2014.
استخدم دلا صواريخ "جولان" غير الدقيقة في قصف حرستا، مما أدى إلى خسائر بشرية كبيرة ودمار هائل.
"قوات الغيث"
شكل دلا "قوات الغيث" ضمن "الفرقة الرابعة" في 2017، وتكونت من نحو 500 مقاتل تم اختيارهم على أسس طائفية، على غرار "قوات النمر" التابعة لسهيل الحسن. شكلت قوتا "الغيث" و"النمر" جناحي النظام السابق في معاركه ضد فصائل المعارضة المسلحة في شمال غرب سوريا وصولًا إلى حماة.
برز دورها في 2018 و2019 في اللاذقية وحماة وإدلب، مما أدى إلى ما سمي بمناطق "خفض التصعيد" وانحسار "المناطق المحررة".
يوالي إيران
يعتبر دلا من الموالين للحلف الإيراني و"حزب الله"، ونسق معهما، وضم عناصر من الميليشيات التي تمولها طهران، مثل "لواء الإمام الحسين". في 2018، أرسل إلى القنيطرة للسيطرة على المناطق الخارجة عن سلطة النظام، ومنح مقاتلين من ميليشيات إيرانية و"حزب الله" زيًا مشابهًا لزي قواته للتمويه.
شاركت قواته مع عناصر "حزب الله" والميليشيات الإيرانية في معارك مضايا والزبداني وداريا والمليحة والقلمون. وفي عمليات الساحل الأخيرة، اتُهمت إيران بتمويل تحركات الفلول ضد السلطة الحالية، وناصرت بعض المواقع المحسوبة على "الحرس الثوري" الإيراني فلول النظام السابق إعلاميًا ووصفتهم بـ"المقاومة الشعبية".
على اللوائح الأمريكية
أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية دلا على قائمة العقوبات في آب 2020، مع شخصيات أخرى من النظام السابق، مثل لونا الشبل وعمار ساعاتي ويسار ابراهيم وفادي صقر، بسبب تورطهم في عرقلة حل سياسي للصراع السوري.