زادت الأوضاع المتدنية للمرأة السورية طوال سنوات الحرب من صعوبة ومأساة تجربة النساء المبتورات أو ذوات الإعاقة الجسدية، اللواتي عانين من صعوبة الحصول على العلاج، بالإضافة إلى التهميش ونظرة المجتمع والوقوع فريسة للأمراض النفسية، ومن هؤلاء الشابة السورية "كفاية حسو" المصابة بشلل نصفي رافقها منذ الولادة ، وتعيش رهينة المحبسين: المرض والتهميش.
وروت الثلاثينية التي تعيش في بلدة "الخراب" التابعة لمحافظة طرطوس لـ"زمان الوصل" أنها نشأت في عائلة فقيرة مكونة من 4 شباب و3 بنات كانت هي الصغرى بينهم وأصيبت في طفولتها-كما تقول– بمرض في المفاصل، ولم يتم علاجها بسبب جهل والدها الذي كان -كما تقول- عصبي المزاج، مهملاً لشؤون بيته ولم يكن مهتماً بها ولا بمرضها.
وأضافت كفاية أنها تحولت مع كبرها إلى شبه مقعدة، ولم تعد قادرة على المشي وكانت تجد صعوبة في التحرك وتقوست قدماها، وبعد أن تفاقمت حالتها أخذها والدها إلى طبيب جراحة عظمية أجرى لها عملية وبقيت في الفراش شهراً بجبيرة الجبص، وبعد أن تخلصت من الجبيرة طلب الطبيب من والدها أن يأخذها إليه كل يوم ليجري لها علاجاً فيزيائياً كي تتمكن من المشي ولكن والدها لم يكمل علاجها وفشلت العملية لتنتكس حالتها مرة أخرى.
وتلتقط كفاية أنفاسها وتكمل أنها أصبحت بعد مرور السنين مقعدة لا تستطيع المشي وتستخدم كرسياً متحركاً إلى جانب معاناتها من مرض الديسك، وبعد وفاة والدها وتزوج أخوتها بقيت مع والدتها وأحد أشقائها الذي يصغرها بأربع سنوات وعاشوا في منزل مؤجر في مدينة حلب، وكان شقيقها -كما تقول- بسيطاً وفقيراً يجد صعوبة في تأمين حياة مستقرة لهم، حتى أنه تأخر عن الزواج بسبب ظروفه الصعبة ورعايته لهما.
بعد أن بدأت الحرب عاشت "كفاية" أياماً مريرة في ظل القصف والدمار وعدم توفر الدواء والعلاج أو أدنى المسكنات لألمها، وانتقلت بعدها من حلب إلى الساحل، وبعد أن توفيت والدتها قررت ترك منزل شقيقها لتعيش بمفردها في غرفة صغيرة، رغم ظروفها الصحية وصعوبة الإهتمام بنفسها، وتمكنت كما تقول من فتح بسطة صغيرة في منزلها تبيع فيه بعض حاجيات أهل الحي لتصرف على نفسها.
وختمت الشابة الصابرة: "أعاني من صعوبة الحصول على العلاج، بالإضافة إلى التهميش والوقوع فريسة للأمراض النفسية، دون أن أجد من يمد لي يد العون".
وكان تقرير للأمم المتحدة إلى أن النساء سواء المعوقات بالولادة أو المصابات بالحرب في شمال وغرب سوريا يواجهن حواجز مادية واجتماعية وسلوكية تحد من قدرتهن على المشاركة الفعالة في المجتمع، وفي بعض الحالات أدت هذه الإصابات إلى القلق والاكتئاب ولعنة المرض النفسي.
فارس الرفاعي - زمان الوصل