يعتذر أنس جوده لكل المشاعر الصادقة، ولمن يظن أن الكلام العاطفي قد يفضي إلى تغيير. فالسياسة لا تعرف المجاملات، ولا بد من القول بصراحة إن الدعوات إلى #حوار_وطني تحت مظلة السلطة الحالية متأخرة جداً. كان الأجدر إطلاقها فور بدء مسرحية الحوار السابقة، لا الانخراط فيها أو الترويج لها، لأن ذلك كان أحد الأسباب الجوهرية لما وصلنا إليه اليوم.
لكي يكون الحوار الوطني حقيقياً ومثمرًا، يجب أن يتم تحت إشراف سلطة انتقالية تشاركية، تمتلك كامل الصلاحيات التنفيذية لإدارة المرحلة الانتقالية. ويجب أن يتم تشكيل إطار الحوار الوطني برعاية الأمم المتحدة، ووفق نصائحها وخبراتها، مع تحديد مواضيع الحوار وآلياته ومرجعياته وجدوله الزمني بوضوح.
من السذاجة بمكان أن يُطلب من هذه السلطة تنظيم حوار وطني، فهي لم تلتزم حتى بإعلان نتائج "مسرحيتها" السابقة، ولم تحاسب أحداً من مرتكبي الانتهاكات، وما زالت تُقصي غالبية السوريين عن أي مشاركة فعلية في القرار. إنها تتعامل مع البلاد كغنيمة حرب، تدار بمنطق الإكراه، وتحول مفاهيم السلم الأهلي عندها إلى "تشجيع الغزو"، ويتم توحيد البلاد وفقا لمنطق "الضم القسري".
هذه السلطة لم تغير سوى لباسها الخارجي وواجهتها، فيما بقي جوهرها كما هو. المطلوب اليوم، كما كان منذ اللحظة الأولى، هو تشكيل هيئة حكم انتقالي تشاركية، ولا بديل عن ذلك. هذه هي مضامين القرار الدولي 2254، وكل من انحرف عن هذا المسار، ساهم بوعي أو دون وعي في تكريس سردية "من يحرّر يقرّر"، التي جرت البلاد إلى هذا الخراب.
العمل في الشأن العام مسؤولية جسيمة، وخاصة في اللحظات الوطنية الحرجة، فلنحاول جميعاً الارتقاء لهذه المسؤولية. سوريا لك السلام (اخبار سوريا الوطن ٢-صفحة الكاتب)