الثلاثاء, 12 أغسطس 2025 01:59 AM

لبنان بين مطرقة صندوق النقد وسندان المغتربين: أيّهما الأجدى للخلاص من الأزمة؟

لبنان بين مطرقة صندوق النقد وسندان المغتربين: أيّهما الأجدى للخلاص من الأزمة؟

يضع لبنان آمالاً عريضة، شأنه شأن العديد من الدول التي تعاني من أزمات مالية واقتصادية، على صندوق النقد الدولي لمنحه قرضًا ببضعة مليارات من الدولارات، مقابل تنفيذ شروط تزيد من معاناة الشعب. وعلى الرغم من محاولات عديدة بذلتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة للحصول على 3 مليارات دولار فقط من صندوق النقد، إلا أنها أخفقت في تنفيذ شروط المجتمع الغربي الذي يهيمن على منح القروض الخارجية.

في حين يؤكد الكثير من المحللين الاقتصاديين والأكاديميين وأرباب الصناعة الوطنية أن لبنان قادر على تأمين مليارات الدولارات عبر استثمار إمكاناته الذاتية، تصر الحكومات اللبنانية منذ عام 2019 على تنفيذ شروط قاسية للحصول على قرض لا يتجاوز 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يعجز لبنان عن تأمين هذه المليارات بمنأى عن شروط الصندوق؟

في الوقت الذي يضغط فيه بعض السياسيين لتنفيذ شروط المجتمع الغربي، وتحديدًا الأمريكي، كمقدمة لمنح لبنان 3 مليارات دولار لا تكفيه لأكثر من بضعة أشهر، كشف البنك الدولي، "شقيق" صندوق النقد، أن حجم تحويلات المغتربين بلغ 6 مليارات دولار في عام 2023، وهي قابلة للزيادة، أي ضعفَي القرض المأمول من الصندوق، ومن دون شروط!

قد يرى المؤيدون للخضوع للوصاية الدولية أن الحكومة لا تستفيد من حوالات المغتربين لأنها موجهة إلى ذويهم، وبالتالي يتم إنفاقها على أغراض استهلاكية، إلا أن هذا الاستنتاج غير صحيح، حسب الوقائع. ففي هذا السياق، كشف عدد من الاقتصاديين المتابعين لمسار استخدامات الحوالات ما قبل عام 2019 أنه تم إيداع جزء منها في المصارف اللبنانية، وجزء تم استثماره في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى تخصيص جزء من الحوالات لدعم الأسر اللبنانية.

وإذا كان مسار القسم الأكبر من الحوالات في السنوات الماضية قد تحول إلى دعم الأسر والاستهلاك اليومي، فالسبب يعود إلى إخفاق الحكومات في معالجة الأزمة المالية التي تجسدت بتهريب الودائع المصرفية إلى الخارج، وبانفجار أزمة اقتصادية تجسدت بانهيار سعر الصرف وارتفاع معدلات التضخم والبطالة.

وبدلاً من أن تعالج الحكومات اللبنانية المتعاقبة أسباب الأزمات المالية والاقتصادية، فقد لجأت إلى الحل الأسهل، وهو الاقتراض الخارجي المستمر أساسًا منذ تسعينات القرن الماضي، إلى حد عجز فيه لبنان عن سداد فوائد – وليس أقساط – دينه العام الذي يقترب من 100 مليار دولار!

أمام هذا الواقع، يتساءل المحللون: ماذا سيفعل قرض جديد للبنان، ولو بلغ 10 مليارات دولار؟ بالمقابل، فإن السبب الفعلي لصمود لبنان من الانهيار الكبير والسقوط إلى قعر الهاوية هو حوالات المغتربين. ويؤكد الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية، الدكتور عماد عكوش، أن 1.5 مليون عائلة لبنانية، أي ما لا يقل عن 4 ملايين فرد، تستفيد من الحوالات المالية بمتوسط يصل إلى 15 ألف دولار سنويًا لكل عائلة. ولولا المغتربين – وليس القروض الخارجية – لارتفعت معدلات التضخم إلى مستويات أعلى بكثير مما هي عليه حاليًا، ولولا الحوالات لما تمكنت الأسر اللبنانية من الحفاظ على الحد الأدنى والمتوسط من مستويات معيشتها.

وحسب تقرير صادر عن الشركة الدولية للمعلومات والإحصاءات في لبنان، فإن تكلفة المعيشة لأسرة مكونة من 4 أفراد – والتي تشمل الحد الأدنى من الاحتياجات الضرورية فقط – قد وصلت إلى 582 دولارًا في المناطق الريفية، و794 دولارًا في المدن.

الخلاصة: لا يمكن التعويل على القروض الخارجية لحل الأزمات في الدول النامية والفقيرة، بل باستثمار إمكاناتها المتاحة، ومنها المغتربون في الخارج، فهم يملكون المال والخبرات وعشق الأوطان. وبالتالي، فالسؤال المشروع هو: أيهما أهم للوطن.. المغتربون أم قروض صندوق النقد الدولي؟

علي عبود - موقع اخبار سوريا الوطن-1

مشاركة المقال: