أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم عن مقتل سبعة أطفال أكراد وشقيقتهم البالغة من العمر 18 عامًا، بالإضافة إلى والديهم، في غارة جوية نفذتها تركيا أو فصائل سورية مدعومة منها. وتشير الأدلة إلى أن الضحايا كانوا مدنيين، مما يثير مخاوف بشأن عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتقليل الأذى على المدنيين.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "حتى في حال وجود هدف عسكري قريب، كان على القوات المسؤولة عن الغارة بذل كل ما في وسعها لتقليل الأذى اللاحق بالمدنيين. وبالنظر إلى الخسائر الفادحة التي تكبدتها أسرة واحدة، يبدو أن منفذي الغارة لم يتخذوا تدابير كافية لتجنب المدنيين".
تثير هذه الغارة، التي يُحتمل ألا تكون قانونية، القلق بشأن الانتهاكات المستمرة في سوريا، خاصة مع دمج الحكومة الجديدة لقوات ذات سجل سيئ، واستمرار الدعم التركي لهذه الجماعات. وتعتبر تذكيرًا واضحًا بأن الأعمال العدائية ما تزال تحصد أرواح المدنيين في سوريا.
في 10 مارس/آذار، وقّع الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، اتفاقًا لدمج قواته في الجيش السوري وعودة النازحين. وفي 16 مارس/آذار، أسقطت مسيّرة قنابل تركية الصنع على مزرعة بالقرب من قرى تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، مما أدى إلى مقتل الأسرة. تقع المزرعة بالقرب من خطوط التماس، وتضم مناطق كانت سابقًا تحت سيطرة فصائل من "الجيش الوطني السوري" السابق المدعوم من تركيا. لم ينجُ من الأسرة سوى طفلة في سن التاسعة.
ما تزال فصائل عدة تابعة لـ "الجيش الوطني السوري"، التابعة الآن لوزارة الدفاع في الحكومة الانتقالية، ناشطة في هذه المنطقة. قابلت هيومن رايتس ووتش مالك المزرعة، وثلاثة جيران كانوا شهودًا على آثار الهجوم، وناشطًا حقوقيًا محليًا. وحلّل الباحثون 21 صورة وفيديو قدمها السكان ونشروها على الإنترنت، بما في ذلك مقاطع مصورة للانفجار، وإجلاء الضحايا، وصور للدمار، وبقايا الذخيرة، وملابس ملطخة بالدماء.
قال مالك المزرعة، شيراز قامشلو (33 عامًا)، إنه وظّف عثمان عبدو (44 عامًا) كعامل مقيم في المزرعة الواقعة على بعد 25 كيلومترًا جنوب كوباني، قبل الغارة بـ 10 أيام. وأكد قامشلو أن عبدو لم تكن لديه أي صلات معروفة بجماعات كردية مسلحة.
قال مالك المزرعة وثلاثة جيران إن المزرعة تبعد نحو 15 كيلومترًا عن قاعدة عسكرية، تتشاركها قوات من الجيش السوري السابق وقوات تركية. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد الموقع المحدد للقاعدة.
وصف شهود عيان سماعهم صوت مسيّرة وانفجارات مدوية قبل وقت قصير من الغارة، وتلاها صراخ أطفال. وأكدوا أن القصف والغارة بالمسيّرة استمرا لمدة 15 دقيقة تقريبًا.
الضحايا هم: عثمان بركل عبدو (44 عامًا)؛ وغزالة عثمان عبدو (41 عامًا)؛ ورونيدا (18 عامًا)؛ وآهين (14 عامًا)؛ ودجلة (12 عامًا)؛ وياسر (7 أعوام)؛ وصالحة (5 أعوام)؛ وفواز (4 أعوام)؛ وآفيستا (9 أشهر). الناجية الوحيدة، نارين (9 أعوام)، مصابة بشظايا معدنية في رِجلها، ورأسها، وبطنها.
حللت هيومن رايتس ووتش فيديو لبقايا ذخيرة في موقع الغارة، ووجدت أنها تتفق مع كونها أجزاءً من قنبلة MAM-L الموجهة بالليزر تركية الصنع، ما يشير إلى أن المشغّل يستطيع مراقبة الغارة بشكل مباشر.
تُظهر صور الدمار توزُّعًا منتظمًا للأضرار، ما يتوافق مع كون الذخيرة مجهزة بشظايا مُدمجة فيها لتعزيز تأثيرها المسبب للإصابات.
يدعو القانون الإنساني الدولي إلى تجنيب المدنيين والأعيان المدنية آثار الأعمال القتالية، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الأذى اللاحق بهم.
تتحمل تركيا المسؤولية الكاملة إذا كان الجيش التركي هو من شنّ هذه الغارة. أما إذا كانت فصائل من الجيش الوطني السوري السابق هي من شنتها، فالسلطات السورية تتحمل مسؤولية الانتهاكات التي ترتكبها قوات مُدمجة في الجيش، بالإضافة إلى مسؤولية منع الانتهاكات وضمان المحاسبة.
ينبغي للحكومة السورية الانتقالية توحيد جيشها بشكل عاجل تحت قيادة خاضعة للمساءلة وإشراف مدني، وضمان الالتزام بالقانون الإنساني الدولي. وينبغي لتركيا التوقف عن دعم القادة المنتهِكين والفصائل المنتهِكة وتعويض الضحايا.
قال كوغل: "ينبغي لتركيا والسلطات السورية الانتقالية إجراء تحقيقات حيادية، وشاملة، وشفافة في الغارة. وينبغي لهما تعويض ضحايا أي غارة غير قانونية واتخاذ جميع التدابير الممكنة لتقليص الخسائر البشرية".