هاشتاغ-غدير ابراهيم برز مشفى بانياس الوطني بكادره الطبي وذلك بعد المجازر الأخيرة التي شهدها الساحل السوري في آذار الماضي. وخلف الجدران البيضاء للمشفى، رفض كادر التمريض الخاص بقسم الأطفال الخروج مع اشتداد الاشتباكات الدائرة حوله، ففي ذلك القسم كان يوجد 8 أطفال في الحواضن دون وجود عائلاتهم لدى البعض، بالإضافة إلى 11 طفل مريض خرج منهم اثنان مع عوائلهم وعلى مسؤوليتهم الشخصية ليتبقى 9 أطفال، فكان قرار الكادر هو البقاء بجانبهم، لأن أي غياب قد يودي بحياتهم.
مصادر “هاشتاغ” في المشفى الوطني ببانياس قالت أنه خلال الأيام الثلاثة الأولى أي من 6 آذار وحتى الثامن منه، لم يتعرض أحدا للكادر الطبي وخصوصاً قسم الأطفال. تقول إحدى الممرضات والتي رفضت ذكر اسمها، أنه في اليوم الأول مع بدء الاشتباكات كنا خارج نطاق معرفة مايحدث لولا تواصلنا “مع أقربائنا في الخارج، وكنا بحالة من التوتر والخوف بسبب أصوات الرصاص الكثيفة، إلا أنها أتتنا تطمينات من إدارة المشفى التي تعاملت بشكل أخلاقي وأبدت حسن معاملة مع الكادر أن هنا أفضل مكان للبقاء آمنين. وأكملت الممرضة :” وفي اليوم التالي من الاشتباكات، بقينا في الممرات الليل بأكمله مبتعدين عن النوافذ والأبواب خوفاً من رصاصة طائشة، وازداد عدد المصابين حتى أن هنالك جزء من الممرضين بقسم الأطفال ذهب لمساندة الكادر الطبي بقسم الجراحة والإسعاف، إلا أن الأدوات الطبية بدأت تنفذ بشكل تدريجي، ثم أتى مسؤول بالمشفى وقام بسؤالنا جميعاً لماذا لم تخرجوا؟ فأجبناه أننا بقسم حساس ولا نستطيع ترك الأطفال، بالإضافة إلى أنه في هذا اليوم قدموا لنا وجبات من الطعام، ومن ثم عدنا إلى حالة الخوف والترقب، والعمل.”.
وتابعت الممرضة:” في يوم السبت، كانت الليلة الثانية دون نوم حرفياً وكنا جميعاً نجلس على الأرض حتى الأطفال وعوائلهم، ازداد خوفنا أكثر مع تضارب المعلومات، ونفذت الأدوات الطبية الإسعافية تقريباً بشكل كامل، إلا أن ذلك لم يطول، فقد وصل فريق طبي من محافظتي حلب وإدلب لدعم المشفى عند الساعه 3 ظهراً وهنا استطاع الكادر الطبي بشكل عام بالمشفى من آخذ استراحة لأنه تعرض لضغط كبير بسبب حالات الإسعاف، أما قسم الأطفال خاصتنا فبدأت تأتي عوائل لأطفال لاصطحابهم لمنازلهم فخرجنا معهم تدريجياً بعد أن صار الوضع بالنسبة للكادر أفضل.
ونوهت الممرضة أنه خلال هذه الفترة خرجت أخبار تقول أن الكادر ترك الأطفال بدون علاج حتى يصلوا لحالة من الجفاف، نافية ذلك ومؤكدة أن الكادر لم يترك القسم حتى وصل الفريق الطبي عند الساعه الثالثة، وأن هنالك قسم من الأطفال تم تحويله بسيارات الهلال الأحمر لمشفى طرطوس. ووسط الخوف والقلق قالت الممرضة:” بالرغم من كل ذلك، لم استطع التحدث مع أولادي، فلقد خفت أن تكون هذه المرة الأخيرة التي أسمع فيها صوتهم، وأنني لن أراهم مرة أخرى، إلا أن عمل الخير الذي فعلناه عاد لنا بطريقة أخرى”