الجمعة, 31 أكتوبر 2025 05:16 PM

من دير الزور إلى الرقة: قصة عيسى العلي وصيد السمك كطريق للنازحين نحو الصمود

من دير الزور إلى الرقة: قصة عيسى العلي وصيد السمك كطريق للنازحين نحو الصمود

في خضم الثورة السورية وما تلاها من نزوح واضطرابات، وجد آلاف السوريين أنفسهم أمام تحديات جمة للحفاظ على حياتهم ومصادر رزقهم. من بين هؤلاء، يبرز اسم عيسى العلي، النازح من دير الزور إلى مدينة الرقة، الذي اتخذ من صيد السمك في نهر الفرات وسيلة للتغلب على الصعاب ومواصلة الحياة.

قبل ثماني سنوات، نزح عيسى من مدينته الأصلية بحثًا عن الأمان والاستقرار. ومع كل شبكة يلقيها في مياه الفرات، لا يمارس عيسى مجرد مهنة، بل يحمل إرثًا عائليًا ومهارة توارثها عن أجداده. يقول عيسى: "صيد السمك من نهر الفرات هو مصدر رزقي منذ نزحت، ونبيعه في الأسواق الشعبية." ويضيف: "تعلمنا هذه المهنة في دير الزور، وهي المهنة الوحيدة التي نعرفها." تؤكد هذه الكلمات أن مهارته ليست مجرد وسيلة لكسب العيش، بل هي جزء لا يتجزأ من تاريخ عائلته وحكاية أجيال.

ومع ذلك، يواجه عيسى تحديات كبيرة في مهنته. يوضح: "مهنتنا شاقة ومتعبة وتنطوي على مخاطر، ولكنها مصدر دخلنا الوحيد." يعيش عيسى في ظروف معيشية صعبة، فهو لا يملك قاربًا خاصًا به ويضطر إلى استئجار القوارب مع صيادين آخرين، وشباكه متهالكة، لكنه يعتبر ذلك أفضل من لا شيء. تزداد صعوبة العمل في فصل الصيف، حيث يضطر إلى شراء الثلج للحفاظ على الأسماك بسبب نقص وسائل التبريد، ويشير إلى أن البنية التحتية المحدودة تزيد من صعوبة المهنة.

على الرغم من كل هذه الصعوبات، يظل ارتباط عيسى بمهنته وتقاليد الصيد قويًا، ويؤكد: "تعلمنا صيد السمك منذ الصغر من أهلنا في الميادين، وهي مصدر دخلنا الوحيد." وفي الوقت نفسه، يعبر عن أمله في مستقبل أفضل لوطنه: "نتمنى أن تتعمر بلادنا وتعود الحياة إلى القرى لنعود ونمارس مهنتنا التي ورثناها عن أهلنا."

قصة عيسى العلي تجسد نموذجًا للصمود والتمسك بالتراث المهني في وجه النزوح والظروف القاسية التي فرضتها الثورة السورية، حيث تتحول المهارة التقليدية إلى رمز للبقاء والعزيمة، وتجسد إرادة الإنسان في مواجهة التحديات اليومية والبحث عن حياة كريمة.

مشاركة المقال: