الأربعاء, 29 أكتوبر 2025 08:06 PM

موسيقى المستقبل: هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الملحنين؟

موسيقى المستقبل: هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الملحنين؟

في وادي السيليكون، داخل قصر فخم، استمعت إلى المنتجة فاي لوماس وهي تقول: "جميع المبدعين المحترفين سيصبحون قريباً من الهواة". لم تكن مجرد جملة عابرة، بل كانت بمثابة خبر جوي متوقع.

أنا مؤلف موسيقي أعمل على مشروع وثائقي مع BBC Radio 3 بعنوان The Artificial Composer، أستكشف فيه العلاقة بين الموسيقى الكلاسيكية والذكاء الاصطناعي. بدأت بفضول بسيط: "هل الذكاء الاصطناعي عون للفنان؟"، لكن السؤال تحول إلى هاجس وجودي: "أم أنه سيغدو يوماً بديلاً منه؟".

أتذكر حفل Oasis الأسطوري في Knebworth House عام 1996، عندما لوح ربع مليون شخص بولاعاتهم في الظلام، قبل أن تغيرنا الثورة الرقمية إلى الأبد. اليوم، السؤال ليس عن كيفية الاستماع، بل عمن يولد النغمات؟ ولماذا؟ ومتى؟

في ذلك القصر، كان الصمت ينذر بحدث جلل: البشر يُستبدلون، والموسيقى التي سافرت عبر القارات، تُعاد صياغتها الآن بلا روح بشرية. ومنذ إطلاق مبادرة RBO/Shift في المعهد الملكي للباليه والأوبرا لاستكشاف تفاعل الفنون مع الذكاء الاصطناعي، لم أجد إجابات للأسئلة الحقيقية: أين تُخزَّن البيانات؟ من يملكها؟ ماذا عن الفنانين ووظائفهم والأثر البيئي؟

ذلك الصيف، وسط الشاشات والمختبرات والرموز، سألت فاي بهدوء: "هل سيقضي الذكاء على عملي؟"، فكان صمتها أبلغ من أي نبوءة: "ثمة شيء بدأ يتبدل فينا". أنا لا أرى الذكاء الاصطناعي عدواً، بل مرآة وأداة ممكنة. ولكن ما قيمة المؤلف إذا كانت الخوارزميات تصوغ نوتته؟ ما معنى أن يكون موسيقياً حين تتنفس الآلة بدلاً منه؟

بينما تعلن المؤسسات بحماسة: "نحن نركب الموجة"، يهمس المبدعون الحقيقيون بثقة: "نحن نتحكّم في المدّ". أدركت أن آخر ما يُستبدل هو النفس البشرية. الموسيقي يتغير، لكن شيئاً من إنسانيته يبقى.

قد يظن البعض أنني من الماضي، لكن جمهوري ينتظرني. وها أنا أطرح سؤال الغد: إن كان الأمس مأوى الموسيقى، فهل نحن مستعدون أن نغدو أكثر من مجرد هواة في عالم الآلة؟

المصدر: الغارديان بقلم: طارق هاميلتون أوريغان.

مشاركة المقال: