في مبادرة لافتة، دعت نقابة الفنانين السوريين إلى تفعيل مسار العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لتحقيق المصالحة الوطنية واستعادة الثقة بين السوريين. البيان، الذي حظي بتوقيع نخبة من الفنانين السوريين البارزين، وعلى رأسهم نقيب الفنانين مازن الناطور، والفنانين فارس الحلو، وجمال سليمان، وغطفان غنوم، وبسام داوود، ويارا صبري، وغيرهم، يؤكد على الدور المحوري للفن في التخفيف من آثار الأزمة وإعادة بناء سوريا على أسس قانونية وديمقراطية.
الفنانون: رواد في خدمة العدالة الانتقالية
شدد البيان على أن الفنانين ليسوا مجرد مراقبين للأحداث المأساوية، بل هم جزء لا يتجزأ من الحل. وترى النقابة أن الفنانين يمكنهم دعم العدالة الانتقالية من خلال ثلاثة محاور رئيسية:
- حفظ الذاكرة: توثيق شهادات الضحايا فنيًا لمواجهة محاولات الإنكار.
- تعزيز الحوار: إنتاج أعمال فنية تساهم في المصالحة وتخفيف الاحتقان.
- نشر الوعي: توجيه الرأي العام نحو أهمية العدالة وحقوق الإنسان.
الفنان والممثل المسرحي بسام داوود أوضح لمنصة سوريا 24 أن دور الفنانين في البيان يكمن في المشاركة والتوقيع، مما يعزز الوعي المجتمعي. وأضاف أن الدور العملي للفنان يتمثل في تقديم أعمال فنية تعزز السلم الأهلي والعدالة الانتقالية والتواصل بين جميع مكونات الشعب.
وأكد داوود على الانسجام بينه وبين النقابة، معتبرًا ذلك بادرة جيدة تفتح الباب أمام حوار حقيقي بين الفنانين المختلفين، مما يمهد الطريق لمشروع مشترك لبناء مستقبل الفن في سوريا.
غياب العدالة: وقود للتوترات المستمرة
يعكس البيان قناعة النقابة بأن استمرار غياب العدالة الانتقالية يغذي التوترات الاجتماعية والسياسية في سوريا. ويحذر البيان من أن تأخير إطلاق مسار العدالة الانتقالية يحمل مخاطر جسيمة على استقرار البلاد ومستقبلها.
الخبير القانوني في مجال حقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، يرى أن غياب إطار وطني للعدالة الانتقالية ليس مجرد تقصير سياسي، بل هو انتهاك للالتزامات الدولية التي تقع على عاتق الدولة السورية. ويضيف أن بيان الفنانين يمثل مساهمة قيمة في النقاش العام حول العدالة الانتقالية، ويستند إلى خطاب حقوقي وإنساني متماسك.
ويؤكد الكيلاني على أهمية مبدأ المسؤولية الفردية في ملاحقة الجناة، وأهمية البعد الثقافي والفني في حفظ ذاكرة الضحايا وتوثيق رواياتهم. ويختتم بأن تأخير إطلاق مسار العدالة الانتقالية يقوض أسس بناء دولة قائمة على سيادة القانون والمواطنة المتساوية.
العدالة الانتقالية: جسر نحو المستقبل
يشبه البيان العدالة الانتقالية بـ "الجسر الوحيد بين جرح لم يلتئم بعد وسلام لا يمكن أن يبنى على الرمال"، مؤكدًا على حاجة سوريا إلى عملية شاملة لمعالجة آثار الحرب والقمع. ويطالب البيان الحكومة السورية باتخاذ خطوات جادة وعاجلة في هذا الاتجاه، معتبرًا العدالة ضمانة لتأسيس دولة عصرية.
في الختام، يمثل البيان دعوة للعمل المشترك بين جميع السوريين لوضع حد للإفلات من العقاب. وإذا تمكن الفنانون السوريون من ترجمة كلماتهم إلى أفعال، فقد يكون لهذا البيان تأثير عميق في إعادة بناء النسيج الاجتماعي السوري.