تسعى ألمانيا بقوة إلى توجيه استثماراتها نحو تطوير البنية التحتية المتهالكة، معوّلةً على القطاع الخاص للعب دور محوري في تحقيق هذه الخطة الطموحة. وتأمل برلين في أن تجعل هذه الفرص الاستثمارية الواسعة اقتصادها الأكبر جاذبيةً في أوروبا.
تعاني ألمانيا من مشكلات متراكمة في بنيتها التحتية نتيجة نقص الاستثمار والقيود المالية، مما أدى إلى تدهور الجسور، وتعطيل خطوط السكك الحديدية، وتأخر الرقمنة.
في مايو الماضي، دعت وزيرة الاقتصاد الألمانية، كاثرينا رايشه، القطاع الخاص إلى ضخ الاستثمارات في البنية التحتية، مؤكدةً على الحاجة الماسة إلى السرعة ورأس المال الخاص. وأشارت إلى أن 90% من الاستثمارات المطلوبة يجب أن تأتي من القطاع الخاص، مقابل 10% فقط من الأموال العامة.
تعتبر الحكومة الألمانية الجديدة الاستثمار في البنية التحتية أولوية قصوى، وقد أقرت صندوقًا للاستثمار في البنية التحتية والمناخ بقيمة 500 مليار يورو، بالإضافة إلى تعديل القواعد المالية لزيادة الإنفاق الدفاعي، وهي خطوات يُنظر إليها على أنها تعزيز للاقتصاد.
أكد الخبير الاقتصادي في جي بي مورغان، غريغ فوزيسي، على وجود فرص كبيرة في مجالي الدفاع والبنية التحتية.
وأشار الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار والتنمية الألماني KfW، ستيفان وينتلز، إلى وجود اهتمام عالمي كبير بالاستثمار في ألمانيا، قائلاً إنه لمس هذا الاهتمام خلال جولاته في نيويورك ولندن وزيوريخ.
وفقًا لتقرير صادر عن شركة Latham & Watkins للمحاماة، سيخصص الصندوق 100 مليار يورو لمشروعات الولايات والبلديات الفدرالية و400 مليار يورو لمشروعات الحكومة الفدرالية على مدى 12 عامًا، بهدف إصلاح البنية التحتية وتحديث مجالات الطاقة والنقل والرقمنة والعلوم والبحث والتطوير والتعليم والمستشفيات، بالإضافة إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2045.
ولتمويل هذه المبادرة، ستصدر ألمانيا سندات حكومية، مستغلةً تصنيفها الائتماني القوي لجذب المستثمرين. ويرى التقرير أن الصندوق يتيح فرصًا كبيرة لمشاركة القطاع الخاص، خاصة في قطاع الطاقة، مع التركيز على المصادر المتجددة وتحديث شبكة الكهرباء وتخزين الطاقة.
كما أشار التقرير إلى فرص الاستثمار في مشروعات تخزين ثاني أكسيد الكربون وتصنيع الهيدروجين، مؤكدًا على أهمية الدعم الحكومي لنمو هذه القطاعات.
من جانبه، ذكر كبير الاقتصاديين الألمان في دويتشه بنك، روبن وينكلر، أن التحركات السياسية الأخيرة قد تحفز موجة من استثمارات القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن تبسيط الإجراءات الإدارية سيكون جذابًا للمستثمرين.
أشارت الحكومة الألمانية إلى أنها قد تتخذ المزيد من الإجراءات لتحفيز الاستثمار الخاص، مؤكدةً على الحاجة إلى صياغة برامج وتقديم عروض للقطاع الخاص للاستثمار في البنية التحتية.
تواجه ألمانيا تحديات كبيرة في صيانة آلاف الجسور وتحديث شبكة السكك الحديدية، مما يتطلب استثمارات ضخمة. ويشير تقرير إلى أن البلاد بحاجة إلى 600 مليار يورو على مدى 10 سنوات لدفع عجلة البنية التحتية.
أشار رئيس قسم تمويل المشاريع والشركات في بنك هامبورغ التجاري، ينس ثيل، إلى وجود تساؤلات حول الاستثمار في البنية التحتية، بما في ذلك المخاوف المتعلقة بضغط الوقت والقدرة الاستيعابية.
واتفق غريغ فوزيسي، من J.P. Morgan، مع ثيل، مشيرًا إلى أن التوقيت يمثل مصدر قلق، وأن تحقيق أهداف الحكومة لتبسيط إجراءات التخطيط لا يزال غير واضح.
مع الحماسة الكبيرة التي أعلنتها خلال الفترة الأخيرة، فإن الحكومة الألمانية ستخضع للمزيد من الضغوط في المرحلة المقبلة من أجل تنفيذ وعودها الجاذبة للمستثمرين وأهدافها الاستثمارية في أقرب وقت. (CNBC)