جاد ح. فياض - نقلت وسائل إعلام تصريحات لافتة عن مسؤول إسرائيلي لم يتم الكشف عن هويته، تضمنت ما يشبه "التبرؤ المشبوه" من الشيخ حكمت الهجري ومشروعه الانفصالي في السويداء. وأفاد المسؤول بأن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة والجانب السوري أنها "لا تدعم" دعوات الانفصال، وأنها "لا تقف" خلف الهجري أو غيره في محافظة السويداء.
تواصلت جريدة "النهار" مع عدد من المصادر للتحقق من حقيقة التصريحات الإسرائيلية، نظراً للعلاقة الواضحة والمؤكدة بين إسرائيل والهجري.
أفاد مصدر درزي من السويداء بأن الحضور الإسرائيلي قوي في المحافظة من خلال الهجري ومجموعاته المسلحة، وعلى رأسها الحرس الوطني. وأوضح أن إسرائيل ترسل مبالغ مالية يدفعها الهجري كرواتب لبعض قادة الحرس المذكور، بالإضافة إلى مبالغ أخرى تُنفق على الدعاية السياسية التي يروج لها الهجري، والقائمة على الانفصال. وعليه، لا يمكن الادعاء بتبرؤ إسرائيل من الهجري.
ومع ذلك، فإن دعم إسرائيل للهجري لا يتفق تماماً مع مشروع الأخير. فبحسب المصدر، يدعو الهجري إلى الانفصال وتأسيس كيان درزي، بينما تسعى إسرائيل إلى إحداث الفوضى في الجنوب السوري من خلال ترسيخ نفوذها عبر جماعات مسلحة موالية لها، وإبعاد القوات السورية وسلاحها عن مناطق الجنوب، دون دعم واضح لانفصال السويداء.
يعود غياب الدعم الإسرائيلي لانفصال السويداء إلى الموقف الأميركي. فقد كان المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، حاسماً بشأن وحدة سوريا ورفض التقسيم. ووفقاً لمصدر في فريق باراك، فإن هذا الموقف ينطلق من خشية عودة إيران إلى سوريا من بوابة التقسيم وتأسيس الكيانات، بما في ذلك الكيان العلوي في الساحل السوري.
لكن العلاقة بين إسرائيل والهجري لا تخلو من المناكفات. تواصلت "النهار" مع مصدر في السويداء على اتصال بالرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، الشيخ موفق طريف. وكشف المصدر عن انزعاج طريف من الهجري بسبب مواقفه التي تتقدم على مواقف إسرائيل فيما يتعلق بالانفصال، إلا أن الخلاف يحمل في طياته سباقاً شعبوياً بين الهجري وطريف.
ونقلت وسائل الإعلام عن المصدر الإسرائيلي قوله إن "مسألة الممر الإنساني من إسرائيل إلى السويداء غير واردة"، مؤكداً أن "الممر سيكون من دمشق، بموجب الخطة الأميركية". وتفيد مصادر "النهار" بأن إسرائيل تسعى إلى إنشاء ممر داود الذي يشق سوريا، لكنها لم تفعل ذلك وليست مستعجلة، لأن هدفها استراتيجي سياسي يتعلق بمصالحها وليس إنسانياً مرتبطاً بالوضع القائم في المحافظة الدرزية.
إلى ذلك، عاد التوتر خلال اليومين الماضيين إلى السويداء بعدما أطلق مسلحون ملثمون النار على حافلة تقل دروزاً كانوا في طريقهم من دمشق إلى السويداء، على خلفية هويتهم المذهبية، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الأشخاص. وتعهدت السلطات السورية بمتابعة الحادثة لتوقيف المسؤولين ومحاسبتهم، لكن مسلحين في السويداء أطلقوا قذائف على حاجز للأمن العام في ريف المحافظة.
يشير مصدر في السويداء إلى أن التوتر انتهى عند هذا الحد حتى الآن، وأن الاشتباك الذي حدث ليلاً لم يتطور والأمور هادئة نسبياً. لكن المصدر يتخوف من احتمال انفجار الوضع في ظل التجاوزات التي تحصل بين الحين والآخر، والتحريض الذي يقوم به الهجري وجماعاته داخل السويداء، من خلال بث الفتن وسرقة المساعدات ورفض الحلول في ظل انسداد الأفق.
في المحصلة، فإن البصمات الإسرائيلية موجودة في السويداء رغم محاولات التبرؤ، وتجمع مختلف المصادر على فاعلية العمل الإسرائيلي الاستخباراتي والأمني في المحافظة. لكن في الوقت نفسه، فإن إسرائيل تمرر مشاريعها من خلال الهجري ومجموعاته، لكنها لا تنفذ مشاريع الهجري التي لا تتوافق حتى الآن مع المشروع الأميركي في سوريا.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار