الإثنين, 13 أكتوبر 2025 02:16 AM

اعتداء على صحفي في حلب يثير الجدل حول حماية الإعلاميين

اعتداء على صحفي في حلب يثير الجدل حول حماية الإعلاميين

أثارت حادثة الاعتداء على مراسل قناة “حلب اليوم”، وسام العوض، جدلاً واسعاً في الأوساط المحلية والإعلامية في سوريا. تعرض العوض للضرب من قبل عنصرين من قوات الأمن أثناء تغطيته فعالية لجمع التبرعات في مدينة منبج شمال شرقي حلب. أعادت هذه الواقعة قضية الاعتداءات على الإعلاميين إلى الواجهة، وطرحت تساؤلات حول الإجراءات اللازمة لضمان بيئة عمل آمنة لهم، خاصة مع تباين سلوك الجهات الأمنية تجاه الصحافة الميدانية.

تفاصيل الحادثة

في 10 تشرين الأول، تعرض وسام العوض، مراسل قناة “حلب اليوم”، للاعتداء من قبل عنصر يتبع لقوات الأمن العام المكلفة بتنظيم حملة “فزعة منبج”. وفقاً لتسجيل مصور نشره العوض على صفحة القناة في “فيسبوك”، وصل إلى بوابة الحملة بعد تلقيه دعوة رسمية. ذكر أنه كان يحمل بطاقة الصحفي والتصاريح الخاصة ودعوة الحضور، إلا أن أحد العناصر الأمنيين طلب منه العودة. وعندما حاول العوض شرح أنه إعلامي وأن وجوده ضروري لتغطية الفعالية، كرر العنصر طلبه. تطورت الأمور إلى الاعتداء عليه بالضرب والركل وسحب هاتفه، قبل تدخل مدير المكتب الإعلامي في منبج، حامد أبو الليث.

أكد العوض أن آثار الكدمات لا تزال واضحة على وجهه، مشدداً على أن الاعتداء وقع رغم امتلاكه جميع التصاريح الرسمية. من جانبه، اعتبر محمد سرحيل، مدير قناة “حلب اليوم”، أن الحادثة هي الاعتداء الثالث على مراسلي القناة، مشيراً إلى سلسلة من التقييدات والمشاكل التي تواجه العمل الإعلامي.

تحرك مديرية الإعلام

أصدرت مديرية إعلام حلب بياناً رسمياً عبر صفحتها في “فيسبوك” أكدت فيه متابعتها للحادثة فور وقوعها. وأشارت إلى تواصلها مع مديرية الأمن الداخلي بحلب، التي أوقفت العنصرين المتسببين في الاعتداء وأحالتهما إلى القضاء المسلكي. أكدت المديرية رفض قيادة الأمن الداخلي لأي اعتداء أو إساءة للصحفيين، وتعهدت بمحاسبة المسيئين، مشددة على سعيها لتوفير بيئة آمنة ومحفزة للعمل الصحفي والإعلامي.

تشير الحوادث المتكررة التي يتعرض لها الصحفيون في سوريا إلى استمرار انتهاكات حرية العمل الإعلامي. هذه الاعتداءات، التي تتراوح بين الإهانة والتقييد الجسدي والضرب، لا تؤثر فقط على الأفراد المتضررين، بل تشكل رسالة تهديدية لبقية العاملين في الحقل الصحفي. وفي ظل غياب آليات فعالة للمساءلة، تصبح هذه الاعتداءات مؤشراً على ضعف الحماية المؤسسية للإعلاميين، مما يهدد قدرتهم على القيام بدورهم الرقابي ونقل المعلومات بحرية وأمان.

استنكار وتنديد

أكد محمد سرحيل، مدير قناة “حلب اليوم”، أن القناة تستنكر بشدة الاعتداء على أحد كوادرها، معتبراً أن أي تضييق أو اعتداء على الصحفيين هو سلوك مرفوض ومدان. وأشار إلى أن سلامة الكوادر الإعلامية تمثل أولوية مطلقة في سياسات القناة. وأشاد بتفاعل مديرية إعلام حلب السريع وحرصها على تأكيد رفضها لأي إساءة للصحفيين، وسعيها الدائم لتسهيل عملهم وتوفير بيئة آمنة.

تتعامل “حلب اليوم” مع هذه الحوادث ضمن نهج مؤسسي قائم على التوثيق والمساءلة القانونية، مع الحرص على عدم تسييس أو تضخيم الحوادث. وأكد سرحيل ثقته بمحاسبة الجهات المعنية للعناصر المتسببين في الحادثة، معبراً عن تقديره للتعاون المستمر مع مديرية إعلام حلب.

تقييد العمل الصحفي

أكد محمد صطوف، مدير المركز السوري للحريات الصحفية في رابطة الصحفيين السوريين، أن المركز يتابع كل الحوادث والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون، معتبراً هذه الحوادث انتهاكات للحريات الإعلامية وتقييداً للعمل الصحفي. وأشار إلى أن المركز يوثق هذه الحوادث وفق معايير منهجية محددة، وينسق في جهود المناصرة للصحفيين المتضررين ويضغط لضمان تأطير الحريات الإعلامية بشكل صحيح.

لاحظ المركز انخفاضاً ملحوظاً في شدة الانتهاكات مقارنة بالماضي، مع وجود فرق كبير في تعامل الجهات الرسمية مع الانتهاكات حالياً. واعتبر أن رد مديرية الإعلام في حلب على الحادث الأخير يعد إنجازاً مهماً ويعكس تقدماً في حماية الصحفيين.

ضرورة المحاسبة

أكد براء عثمان، عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الصحفيين السوريين، أن الاتحاد وثق الحادثة التي تعرض لها مراسل قناة “حلب اليوم”، معبراً عن أسفه لما جرى مع وسام العوض، ومؤكداً ضرورة محاسبة العناصر الذين أساؤوا إليه. وأشار إلى أن الإعلاميين هم من أكثر فئات المجتمع انضباطاً، وحريصون على نجاح أي فعالية وتأمينها بقدر حرص العناصر المكلفة بحمايتها.

يتابع الاتحاد القضية عن كثب بالتنسيق مع الجهات المعنية، بهدف رد حق العوض وضمان عدم تكرار حوادث مشابهة، وتواصل مع وزارة الداخلية لطلب تعميم يقضي باحترام خصوصية الصحفيين وتسهيل مهامهم الميدانية.

انتهاكات سابقة

يأتي الاعتداء على مراسل “حلب اليوم” في سياق سلسلة من الانتهاكات المتكررة بحق الصحفيين في سوريا. ففي أيار الماضي، هاجم عناصر من أحد الفصائل المسلحة في محافظة السويداء سبعة صحفيين. وفي شباط الماضي، أدانت منظمة “مراسلون بلا حدود” هجمات أخرى استهدفت خمسة صحفيين في أثناء تغطيتهم الانتهاكات التي وقعت في الساحل السوري. وفي نيسان الماضي، تعرض محمد الإبراهيم، العامل في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، لاعتداء من عنصر أمني في دمشق. وفي أيلول الحالي، مُنع الإعلامي عبد المعين عبد المجيد من دخول فعالية حملة “دير العز” في مدينة دير الزور.

مشاركة المقال: