دمشق – يشهد المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق حالة من الاحتقان، حيث أعلن عدد من الأساتذة والمحاضرين اعتذارهم عن متابعة العملية التدريسية، وذلك في بيان صدر يوم السبت 29 آب/أغسطس 2025. يأتي هذا الاعتذار احتجاجاً على تدني الرواتب، وسوء الأوضاع اللوجستية، ورفضاً لما وصفوه بـ"الوصاية" التي تمارسها وزارة الثقافة، الجهة المشرفة إدارياً على المعهد.
أوضح البيان أن هذه الخطوة التصعيدية جاءت بعد سلسلة من المطالب التي رُفعت إلى الوزارة، إلا أنها قوبلت بالتجاهل التام، الأمر الذي دفع عميد الكلية، عمار الحامض، إلى تقديم استقالته تضامناً مع الكادر التدريسي، قبل أن تقوم الوزارة بتعيين عميد جديد بقرار إداري.
الأستاذة رهف الجابر، المدرّسة في قسم الرقص والتمثيل، أكدت أن العملية التعليمية داخل المعهد تعاني من خلل واضح، نتيجة لتجاهل وزارة الثقافة لمطالب الكادر منذ بداية العام الدراسي الحالي. وأشارت في تصريح لـ"نورث برس" إلى أن "المعهد غير مؤهل للانطلاق في العام الجديد"، داعيةً إلى الإسراع في عمليات الصيانة والتطوير.
كما نقلت "نورث برس" شهادات طلابية حول تدهور الوضع اللوجستي داخل المعهد، حيث المسارح قديمة ومتهالكة، ولا تتوفر أجهزة تكييف، فيما تحتاج القاعات إلى صيانة مستمرة. وأشار الأكاديمي قصي الدقر في حديث مماثل إلى أن المعهد يعاني من ضعف كبير في البنية التحتية، بالإضافة إلى تعرضه لعمليات سرقة بعد سقوط النظام، طالت أجهزة كومبيوتر وكاميرات ومعدات أساسية.
من جهته، قال الطالب عبد الله عفيف: "بعد الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مبنى الأركان المجاور للمعهد، تضررت غرف الإنتاج بشكل كبير، لكننا لم نشهد أي زيارة حكومية للاطلاع على الأضرار أو تقييمها، ما زاد من شعورنا بالإحباط".
شملت مطالب الأساتذة أيضاً الاعتراض على تدني الأجور، حيث لا تتجاوز أجرة ساعة التدريس للمحاضر 7 آلاف ليرة سورية، بينما يحصل الدكتور على 15 ألف ليرة. ويحدّد قرار وزاري صدر قبل عامين سقف الأجر بـ17 ساعة فقط، من دون صرف أي تعويض عن الساعات الإضافية، على الرغم من أن معظم الأساتذة يمضون كامل يومهم في المعهد بسبب قلة الكوادر، ولأن المواد التدريبية تحتاج إلى وقت أطول بكثير من المخصص.
ومع ذلك، شدّد الكادر التدريسي على أن قضية الأجور ليست السبب الرئيس للاحتجاج، بل تسبقها التحديات الهيكلية والتنظيمية التي تعيق تطور المعهد.
يُذكر أن الأستاذ عمار الحامض عُيّن عميدًا للمعهد بعد انتخابه من قبل المدرسين، في خطوة غير مألوفة في عهد النظام السابق الذي كان يفرض التعيين الحكومي المباشر من داخل الهيئة التدريسية. وأشار البيان إلى أن استقالة الحامض جاءت استجابة لرفض الأساتذة متابعة التدريس، وقد قبلتها وزارة الثقافة التي سارعت إلى تعيين المخرج غطفان غنوم من خارج الهيئة التدريسية عميداً جديداً.
وفي هذا السياق، قال الأستاذ قصي الدقر: "لا نعترض على شخص الأستاذ غطفان غنوم، وإنما على آلية التعيين التي تخالف المادة السابعة من قانون المعهد، والتي تنص على أن يكون العميد من داخل الهيئة التدريسية. نحن نطالب بأن يتم التعيين عبر الانتخاب من داخل الهيئة، كما كان معمولاً به سابقاً".
وشهد المعهد السبت الماضي احتجاجات رفع خلالها الطلاب والأساتذة لافتات كُتب عليها: "لا لخرق المادة السابعة من قانون المعهد". وقالت الطالبة زينب الصالح لـ"نورث برس": "كيف أثق بعميد لم أعرفه من قبل، ولم يقضِ سنوات داخل المعهد؟ كيف أؤمن بقدرته على توجيهنا وفهم مشكلاتنا؟".
تحرير: معاذ الحمد