أثارت أخبار متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي قيام الأجهزة الرقابية بكشف صفقات فساد واختلاس أموال عامة. لكن في الواقع، هذه الملفات تعود لتحقيقات ما قبل التحرير، وتشوبها مغالطات وابتزاز. تم فبركة ملفات بتوجيه من سلطات عليا، وزُجّت أسماء لا علاقة لها بالأمر، بهدف الضغط على كيانات وشركات وأفراد لدفع مبالغ كبيرة تحت مسمى "تسويات"، تذهب إلى حسابات وصناديق شخصية بعناوين وطنية.
يشهد عمل الأجهزة الرقابية اليوم منح فروعها استقلالية والحد من سلطة الإدارة المركزية، التي كانت تُكلّف بملفات محددة وتنتقي ما تريد من المواضيع، متجاهلة تبعية هذه الجهات لنطاق عمل فروعها. هذا التوجه يمثل تصويباً هاماً للعمل الرقابي. ففي السابق، كانت إدارة الهيئة تتسلط على القرار، وتحتكر الملفات، وتُجمد وتُخفي ما تريد، وتسحب الملفات "الدسمة" من الفروع لتتصدر المشهد بانتصارات الآخرين.
إن الإصلاح التنظيمي الجاري في الأجهزة الرقابية مهم، ويجب استكماله في آلية العمل التنفيذية من خلال إعادة التحقيق في الملفات السابقة المشكوك بأمرها أو "الموشى" بها قبل توجيه الاتهامات والخروج إلى الإعلام. يجب أن يسبق ذلك ترتيب البيت الداخلي والتأكد من الروايات والتقارير الكيدية بين كوادر العمل، لأن التبني بدون التأكد ينطوي على ظلم وكيدية. فإذا كانت الكوادر تعمل بهذا الأسلوب، فكيف ستتصدى لملفات الجهات الأخرى؟
لعبت الأجهزة الرقابية دوراً كبيراً في فبركة ملفات وتجميد أخرى وفقاً لتوجيهات ومصالح مَن استباح البلد، ووقع ظلم كبير حتى على بعض كوادر الأجهزة الرقابية التي كان عليها تنفيذ "التوجيهات". وبالتالي، يجب التأكد من ظروف إصدار التقارير والاتهامات والأحكام قبل أن تخرج إلى الإعلام أو الحجز الاحتياطي والاحترازي.
إن إصلاح الأجهزة الرقابية ودعمها ومنحها الحصانة وتحسين ظروف عملها وتحسين دخلها لتكون أكثر استقلالية وحصانة ذاتية هو بداية لتصويب دورها، على أن يُستكمل ذلك بتحصينها هي من التسلط والتفرد والابتزاز بتحميلها المسؤولية ومحاسبتها أو مكافأتها على عملها، مع ضمان آلية الاعتراض للخصم في حال وقوع الظلم والتجني أو الشك، لأن دورها كشف الحقائق ورفع الظلم لا الاستباحة والفبركة وكيد الدسائس كما كان سابقاً ويبدو حالياً في إخراج بعض الملفات دون إعادة التدقيق.
(أخبار سوريا الوطن2-الثورة)