الثلاثاء, 23 سبتمبر 2025 09:29 AM

الأمم المتحدة تستضيف مؤتمر حل الدولتين وسط اعتراف دولي متزايد بفلسطين

الأمم المتحدة تستضيف مؤتمر حل الدولتين وسط اعتراف دولي متزايد بفلسطين

نيويورك-سانا: انعقد اليوم في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، المؤتمر الدولي رفيع المستوى بشأن التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، وذلك برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا، وبمشاركة الرئيس أحمد الشرع وعدد من قادة وممثلي الدول الأعضاء.

وفي كلمته خلال افتتاح المؤتمر، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن "فرنسا أصبحت من اليوم تعترف بدولة فلسطين"، مؤكداً أن الاعتراف بدولة فلسطين هو الحل الوحيد لتحقيق السلام. وأضاف ماكرون أن إقامة سفارة لفرنسا في الدولة الفلسطينية المستقبلية سيكون مشروطاً بالإفراج عن جميع المحتجزين في قطاع غزة ووقف إطلاق النار هناك.

كما أشار الرئيس الفرنسي إلى استمرار العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة بهدف معلن هو تدمير حماس، معرباً عن أسفه لتدمير حياة آلاف الفلسطينيين، ومؤكداً أنه لا مبرر لما يحدث في غزة وضرورة إنهاء الحرب لإنقاذ الأرواح.

السعودية: فرصة تاريخية لتحقيق السلام

من جانبه، أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في كلمة نيابة عن ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، أن مؤتمر حل الدولتين يمثل فرصة تاريخية لتحقيق السلام، داعياً بقية الدول إلى اتخاذ خطوة مماثلة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وأشار بن فرحان إلى استمرار إسرائيل في ارتكاب "جرائمها الوحشية" في غزة وانتهاكاتها في الضفة الغربية والقدس الشريف، مبيناً أن إسرائيل تهدد الأمن والاستقرار وجهود السلام في المنطقة، عبر عدوانها المتكرر على الدول العربية وخرقها للقانون الدولي والمواثيق الأممية.

وأكد بن فرحان عزم بلاده على مواصلة شراكاتها مع فرنسا والدول الداعية للسلام؛ لوضع حد لإنهاء حرب غزة وتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية، مشيراً إلى أن موقف فرنسا التاريخي يعكس إرادة المجتمع الدولي لإنصاف الفلسطينيين، بينما تمعن إسرائيل في ممارساتها العدوانية التي تقوض السلام.

عباس: نطالب بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة

بدوره، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في كلمته عبر تقنية الفيديو، الدول التي لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية إلى القيام بذلك، مؤكداً الاستعداد للعمل مع الشركاء لتنفيذ خطة السلام ضمن جدول محدد. وشدد على ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، مؤكداً أن جرائم الحصار والتجويع ليست وسيلة لتحقيق الأمن، مطالباً بإدخال المساعدات لغزة وانسحاب الاحتلال منها والإفراج عن الأسرى.

وأشاد الرئيس الفلسطيني بالوساطة المصرية القطرية الأميركية، مثمناً مواقف مصر والأردن الرافضة للتهجير، كما أدان الاعتداء الغاشم على سيادة دولة قطر ودول عربية أخرى، وقال: ندين سياسات الاحتلال التي تهدف لعزل القدس عن محيطها الفلسطيني، والتصريحات الإسرائيلية بشأن ما يسمى "إسرائيل الكبرى".

وشدد عباس على الالتزام بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال عام من انتهاء الحرب في غزة، وذلك ضمن دولة فلسطينية ديمقراطية وعصرية قائمة على سيادة القانون، داعياً لحصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة.

ملك الأردن: ضرورة إنهاء الصراع

إلى ذلك، أكد الملك الأردني عبد الله الثاني أن ما يشهده قطاع غزة منذ عامين من سفك للدماء ودمار مروع، يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وللقيم الإنسانية المشتركة، محذراً من أن استمرار هذا الوضع يُهدد الأسس التي يُمكن البناء عليها لتحقيق السلام في المستقبل.

ودعا الملك عبد الله إلى ضرورة إنهاء الحرب على غزة، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين دون عوائق، مشدداً على ضرورة وقف الإجراءات الأحادية غير القانونية في الضفة الغربية، والعنف الذي يمارسه المستوطنون بحق المدنيين الفلسطينيين.

ولفت الملك الأردني إلى أن الإجماع الدولي المتزايد على حل الدولتين يبعث برسالة واضحة بضرورة إنهاء الصراع، مؤكداً أن هذا الحل هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام يلبي حقوق جميع الشعوب في المنطقة.

الرئيس التركي: دعم فلسطين مسؤولية أخلاقية

بدوره، أوضح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمته، أن اعتراف عدد متزايد من الدول بدولة فلسطين يشكل خطوة تاريخية هامة تعكس احترام هذه الدول لصوت العدالة والضمير الإنساني، وتسهم في تسريع مسار حل الدولتين، مشدداً على أن حكومة بنيامين نتنياهو تسعى لجعل قيام دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً، عبر سياسات ممنهجة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرياً.

وأكد اردوغان أن الوقوف في وجه القمع والعدوان الإسرائيلي ليس فقط واجباً على المجتمع الدولي، بل هو أيضاً مسؤولية أخلاقية يجب عدم التهرب منها، داعياً إلى وقف السياسات التوسعية في الضفة الغربية، بما في ذلك في القدس المحتلة، والتصدي لمحاولات زعزعة الاستقرار في المنطقة.

وحذر أردوغان من أن الهدف الواضح لسياسات الاحتلال يتمثل في تقويض رؤية حل الدولتين، ومنع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وإبقاء الشعب الفلسطيني تحت نير الاحتلال، مشدداً على أن هذه المخططات لا يمكن القبول بها بأي شكل من الأشكال.

واختتم أردوغان بالدعوة إلى إعلان وقف فوري لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، تمهيداً لتحقيق سلام عادل وشامل على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

غوتيريش: حل الدولتين يتسق مع القانون الدولي

من جهته، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن حل الدولتين يتطلب قرارات صعبة وقيادة جريئة من كل الأطراف، مؤكداً أن هذا الحل يتسق مع القانون الدولي ويحظى بتأييد المجتمع الدولي والجمعية العامة.

وشدد غوتيريش على أنه لا سلام في الشرق الأوسط من دون حل الدولتين، وأن إقامة دولة للفلسطينيين ليست مكافأة بل حق، داعياً إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، فلا مبرر للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، ولا مبرر لما يحدث في الضفة الغربية ولا لاستمرار إقامة المستوطنات فيها.

رئيسة الجمعية العامة: العالم خذل أطفال غزة

وفي السياق، قالت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أنالينا بيربوك: إن العالم خذل أطفال قطاع غزة، حيث بات القتل والرعب هو واقع أطفال غزة منذ أكثر من 700 يوم، مشيرةً إلى أن عشرات الآلاف قتلوا في غزة دون أن تعرف أسماؤهم.

ودعت بيربوك إلى ضرورة وقف فوري غير مشروط ودائم لإطلاق النار في القطاع، وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ضمن حدود معترف بها دولياً وقابلة للحياة، مؤكدةً أن السبيل الوحيد للسلام هو حل الدولتين، لكن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية يقوض آفاق الحل السياسي.

إلى ذلك، شددت كلمات باقي الأعضاء على أن حل الدولتين يضمن السلام والاستقرار في المنطقة، مجددين دعوتهم إلى وقف إطلاق النار في غزة وضمان وصول المساعدات دون تأخير والإفراج عن المحتجزين.

وعقد في نيويورك بين الـ 28 والـ 30 من تموز الماضي مؤتمر حل الدولتين برئاسة وزيري خارجية السعودية وفرنسا، وبمشاركة رفيعة المستوى وحضور فلسطيني وغياب أمريكي، لدعم مسار الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، فيما اعتمدت الجمعية العامة في الـ 12 من أيلول الجاري قراراً يؤيد إعلان نيويورك الرامي إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتعزيز حل الدولتين لتحقيق التسوية السلمية لقضية فلسطين.

مشاركة المقال: