دمشق – نورث برس
أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، يوم السبت، عن إصدار وثيقة سياسية بعنوان "العيش المشترك في سوريا"، تعرض من خلالها تصورها لشكل الدولة السورية في المستقبل. وأكدت الجماعة على التزامها بـ "مبادئ الديمقراطية، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، وحرية الاعتقاد"، وذلك في تجاهل واضح لدعوة غير رسمية من دمشق تطالب الجماعة بحل نفسها.
تعتبر هذه الوثيقة الأولى من نوعها التي تصدر عن الجماعة منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي. وتتقاطع الوثيقة بشكل كبير مع "وثيقة العهد" التي أعلنتها الجماعة في عام 2012، والتي نصت على الالتزام بإقامة دولة مدنية حديثة وديمقراطية تعددية.
وقد نشرت الجماعة الوثيقة على موقعها الإلكتروني، وتضمنت مبادئ عامة أقرب إلى الأسس الدستورية، مثل "تمكين المرأة، حظر تدخل الجيش في السياسة، وحماية المكونات الدينية والثقافية"، بالإضافة إلى الدعوة إلى تجريم خطاب الكراهية والتحريض على العنف، وضمان حرية تشكيل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، في إطار دولة قانون وفصل للسلطات.
استهلت الوثيقة بنصوص قرآنية تؤكد على وحدة الأصل الإنساني، والدعوة إلى احترام التنوع الديني والثقافي في سوريا، معتبرة أن هذا التنوع "لا يبرّر الصدام، بل يستدعي إقامة شراكة وتعارف لبناء دولة تقوم على القيم الإنسانية".
وأشارت الوثيقة إلى أن الدساتير السورية منذ مطلع القرن الماضي خصصت مساحات للمكونات في مجالي العبادة والأحوال الشخصية، واعتبرت أن هذه الرؤية كانت عامل استقرار للدولة، مؤكدةً ضرورة الحفاظ عليها مستقبلاً.
ولخّصت الجماعة دور الدولة في ترسيخ العيش المشترك بأربعة محاور رئيسية: "تأمين الإطار القانوني لحماية مكونات المجتمع، إطلاق مبادرات لتعزيز السلم الأهلي والحوار، بناء شراكات مع المجتمع المدني لدعم التنوع الثقافي، تطوير التعليم والثقافة لتعزيز القيم المشتركة".
ودعت منظمات المجتمع المدني إلى المساهمة في بناء هوية سورية مشتركة، وتعزيز الحوار الوطني، والتصدي لثقافة "العدوانية والفتن"، من خلال مبادرات إعلامية وثقافية وفنية تدعم التعايش.
عرّفت الجماعة سوريا بأنها "دولة ديمقراطيّة تقوم على التعدديّة السياسيّة والتداول السلميّ للسلطة عبر صناديق الاقتراع، ومبدأ المواطنة، وسيادة القانون، وفصل السلطات"، مؤكدةً إلغاء المحاكم الاستثنائية ومنع تشكيلها، وحصر السلاح بيد الدولة، وتنظيم حمل السلاح الفردي بالقانون.
وشددت على أن الجيش يجب أن يقتصر دوره على الدفاع عن الحدود المعترف بها دولياً، ويُحظر عليه التدخل في السياسة، ويخضع لرقابة البرلمان والمساءلة القضائية.
يأتي إصدار الوثيقة بعد نحو شهرين من مقالة نشرها أحمد موفق زيدان، مستشار الرئيس السوري للشؤون الإعلامية، في آب/ أغسطس الماضي، دعا فيها جماعة الإخوان المسلمين إلى حل نفسها طوعياً، موضحاً أنه يعبر عن رأيه الشخصي. لكن الجماعة تجاهلت هذه الدعوة، واختارت الإعلان عن رؤيتها السياسية الجديدة، في خطوة تعكس رغبتها في المشاركة في رسم ملامح الدولة السورية ما بعد الأسد، بدلاً من الانسحاب من المشهد السياسي.
تحرير: تيسير محمد