الإثنين, 25 أغسطس 2025 05:04 PM

الاحتلال يتبع تكتيك "التدمير الشامل والتقدم البطيء" في غزة: تفاصيل القضم المتواصل للأحياء السكنية

الاحتلال يتبع تكتيك "التدمير الشامل والتقدم البطيء" في غزة: تفاصيل القضم المتواصل للأحياء السكنية

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تكتيكه العسكري المتمثل في قضم أحياء مدينة غزة السكنية، وهو الأسلوب الذي يعتمده في مناطق مثل الزيتون والصبرة جنوباً، وجباليا البلد والشيخ رضوان والزرقاء شمالاً. هذا التكتيك، المشابه لعملية «مركبات جدعون 1»، يقوم على مبدأ «دمّر كل شيء، ثم تقدّم ببطء شديد».

في حي جباليا النزلة، قام العدو بإدخال نحو خمس ناقلات جند مفخخة من طراز «m103»، تحمل كل واحدة منها حوالي أربعة آلاف كيلوغرام من المتفجرات، وسط منازل المواطنين، ثم بدأ بتفجيرها تباعاً، مما أدى إلى دمار واسع طال العشرات من المنازل. كما استخدم أسلوباً جديداً في تدمير المنازل، حيث قامت طائرات «الكوادكابتر» بحمل كميات من المتفجرات الشديدة الانفجار، تزن نحو 30 كيلوغراماً، لزرعها في المنازل المستهدفة وتفجيرها دفعة واحدة.

يترافق هذا التكتيك مع قصف مدفعي وعمليات إخلاء قسري لعشرات المنازل المأهولة. ووفقاً لمصادر محلية، أنذر جيش الاحتلال 10 منازل في جباليا النزلة بالإخلاء الفوري قبل تدميرها. يشهد حي جباليا النزلة وحي جباليا البلد، وهما آخر أحياء محافظة شمال غزة المتاخمة لحي الشيخ رضوان الذي يربط المدينة بشمالها، حملة تدمير ونسف واسعة النطاق، طالت حتى الآن ثلثي منازلهما.

يشير التقدم من هذه الجهة، وكثافة القصف الجوي، إلى أن جيش الاحتلال يعتزم تطويق المدينة من الجهة الشمالية الشرقية عبر جباليا البلد، بعد إتمام تدمير وإفراغ مدينتي بيت حانون وبيت لاهيا ومخيم جباليا بشكل كامل. أما محور الهجوم الآخر من الجهة الجنوبية، فهو حي الصبرة، الملاصق لحيَّي تل الهوا والرمال في قلب مدينة غزة، حيث يواصل العدو منذ أسبوعين عملية تدمير ممنهجة للبنايات السكنية، أتمّ خلالها إخلاء مناطق واسعة.

وبحسب «هيئة البث الإسرائيلية»، قد تستغرق عملية إخلاء سكان مدينة غزة إلى جنوب القطاع شهرين كاملين قبل البدء الفعلي في اقتحامها، في حين يواجه مليون إنسان في الشمال خيارات صعبة للغاية. فبالإضافة إلى رحلة النزوح القاسية المتوقعة، فقد معظم السكان القدرة على تحمل تكاليف النزوح الباهظة.

يقول عصام عزيز: «لا أحد يمتلك 3000 دولار للنزوح ونقل أغراضه إلى وسط القطاع أو جنوبه. رفع أصحاب العقارات إيجار المنزل إلى 2000 دولار، والشاحنة وتكاليف النقل تحتاج إلى 1000 دولار. الحرب أكلت الأخضر واليابس، وقضت على المدّخرات كلها. الناس على الصفر. لأجل ذلك، البقاء في مدينة غزة وحتى الموت فيها مرّة واحدة أفضل من الموت بالتقسيط في رحلة النزوح المذلّة والقاسية».

هذان الحيرة والعجز يعيشهما ثلثا سكان مدينة غزة، الذين يُقدّر تعدادهم بمليون نسمة، وهو ما يفسّر عدم تسجيل أي حركة جماعية خلال الأيام الماضية، ما خلا بضع عشرات من الحالات التي تمتلك موطئ قدم بديلاً في وسط القطاع أو جنوبه. ويقول أحمد نبيل لـ»الأخبار»: «أمضيت أسبوعاً وأنا أبحث عن منزل للإيجار في الزوايدة أو دير البلح، على اعتبار أن مناطق وسط القطاع ليست مُدرجة على قائمة الهجوم في المرحلة الحالية، ولكنني لم أجد. وحتى الشقق المتوفرة عددها قليل ويطلب أصحابها مبالغ جنونية تصل إلى 2000 دولار شهرياً. من في غزة يمتلك هذا المبلغ في ظروف كهذه؟ من ينزح اليوم من غزة، يذهب إلى أقربائه أو أرض ينصب فيها خيمة. أما الغالبية العظمى، فلا تمتلك القدرة على النزوح، ولا خيار لديها سوى البقاء».

ويشار أيضاً إلى أن جيش الاحتلال، لم يعلن حتى اليوم أياً من مناطق القطاع على أنها منطقة إنسانية، في حين تستمر وتيرة القصف على نحوٍ أكثر شراسة في مدينة خانيونس جنوباً، والتي يوجّه الأهالي بالنزوح إليها، وهو ما يعني أن مساحة الأمان والنجاة تقلّصت إلى الصفر.

وعلى الصعيد السياسي، يواصل رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إدارة لعبة التفاوض بما يخدم العملية العسكرية، ضمن أسلوبه المفضّل والمتكرّر، إذ أعلن، أول من أمس، نيته إرسال وفد التفاوض، ولكن بعد تحديد مكان جديد للمفاوضات، في حين قدّرت «هيئة البث الإسرائيلية» أن المكان المُرجّح الجديد هو إحدى الدول الأوروبية أو الإمارات. ووفقاً لمصادر مطّلعة، فإن مفاوضات سرّية تجري في الوقت الحالي للتوافق على إطار لصفقة جديدة، لا تبدي إسرائيل أي حماسة لها، قياساً باندفاعها لاحتلال مدينة غزة وتدميرها.

مشاركة المقال: