الأحد, 20 يوليو 2025 03:23 PM

البرلمان الأوروبي يتهم الجزائر بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب: ما هي الدوافع والخلفيات الحقيقية؟

البرلمان الأوروبي يتهم الجزائر بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب: ما هي الدوافع والخلفيات الحقيقية؟

في خطوة مفاجئة، وافق البرلمان الأوروبي على إدراج الجزائر ضمن قائمة الدول المعرضة لخطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. أثار هذا القرار استغراباً واسعاً في الجزائر، وأثار تساؤلات حول دوافعه وجدواه.

يرى مراقبون أن هذا القرار يأتي في سياق ضغوط تمارسها بعض الدول الأوروبية على الجزائر، بسبب خلافات دبلوماسية وسياسية.

النائب البرلماني والخبير الاقتصادي عبد القادر بريش يصف تصنيف البرلمان الأوروبي بأنه "بعيد كل البعد عن الواقع والحقيقة". ويؤكد في تصريح لـ"النهار" أن الجزائر اتخذت خطوات جادة لسد الثغرات التي قد تجعلها عرضة لشبهات تبييض الأموال أو تمويل الإرهاب. ويشير إلى أن الجزائر كانت من بين الدول الأكثر تضرراً من عمليات تهريب وتحويل الأموال إلى الخارج، مما استدعى تحركاً من قبل العدالة الجزائرية.

ويعتبر بريش قرار البرلمان الأوروبي ذا أبعاد سياسية مبيتة، ويذكر بالمقاربة الجزائرية في مجال الوقاية من تبييض الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، مؤكداً أن الجزائر تحظى بإشادة دولية في هذا المجال. ويوضح أن عدداً من الدول الأوروبية دفعت فدى لجماعات إرهابية مقابل إطلاق سراح رهائن من رعاياها.

ويضيف بريش أن الجزائر قدمت مقاربة واضحة لتجفيف منابع الإرهاب لوجستياً ومالياً، مشيراً إلى تبني مجلس الأمن الدولي "وثيقة الجزائر" الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب في يناير/كانون الثاني الماضي.

كما تطرق إلى التعديلات التي أدخلتها الجزائر على منظومتها القانونية منذ عام 2005، وخاصة القانون 05-01، مشيراً إلى أن البرلمان صادق أخيراً على تعديل جديد يهدف إلى تحديث الإطار التشريعي لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهو التعديل الخامس خلال 20 عاماً. وأكد أن التعديل يتماشى مع المعايير الدولية الراهنة في ظل تطور الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا والأصول الافتراضية وغيرها من الأشكال المستحدثة للجريمة.

ويرى بريش أن الهدف من هذه الخطوة هو "تشويه سمعة الجزائر"، معتبراً أن التصنيف جاء بإيعاز من أطراف يمينية متطرفة لا تريد الخير للبلاد. ويضيف: "اعتدنا على تدخلات البرلمان الأوروبي في الشأن الداخلي الجزائري، ونرفضها كنواب وكجزائريين، كما نرفض أي ابتزاز مهما اتخذ من غطاء قانوني أو تشريعي".

من جانبه، يرى الباحث في الدراسات الاستراتيجية نبيل كحلوش أن أطرافاً دولية تحاول فرض إكراهات على الجزائر بحكم أهميتها الطاقوية. ويؤكد في حديثه لـ"النهار" أن العديد من الدول الغربية تنتهج في علاقاتها مع الجزائر مقاربتين: الأولى براغماتية لتحقيق مصالحها، والثانية ابتزازية لتعزيز موقفها التفاوضي.

ويقر كحلوش بأن تبييض الأموال لا يزال يشكل تحدياً للجزائر بفعل ممارسات سابقة تورطت فيها أطراف مالية وسياسية، ما يفرض إلقاء ضوء إعلامي موضوعي وجريء على هذه القضية داخلياً، حتى لا تتحول إلى ورقة ضغط خارجية تستغل ضد الدولة والاقتصاد الوطني. لكنه يحذر في المقابل من تبييض الصورة الإعلامية للمفسدين الذين يسيئون لصورة البلد. ويشير كحلوش إلى أن أوروبا نفسها تعاني من أزمة مزمنة في ما يتعلق بتبييض الأموال، ولذلك من الطبيعي أن ترفض محاولة البرلمان الأوروبي استغلال هذا الملف للضغط على الجزائر.

وفي ما يخص تمويل الإرهاب، يقول كحلوش إن العكس هو الصحيح، موضحاً أن عديداً من الحكومات الأوروبية كانت، حتى وقت قريب، تدفع فدى للجماعات المسلحة، وتتحالف مع تنظيمات إرهابية في أفريقيا وآسيا، بل وتشارك في جرائم إبادة جماعية كما يحدث في فلسطين.

ويؤكد أن الجزائر كانت ولا تزال تطالب بتجريم دفع الفدى للإرهابيين، مستدلاً بخلو سجلها الدولي من أي ملفات تتعلق بتمويل الإرهاب، في مقابل وجود مثل هذه الملفات ضد دول أخرى. ويضيف كحلوش أن الحركات التحررية التي تدعمها الجزائر لا يمكن تصنيفها كتنظيمات إرهابية، مشدداً على أن الجزائر لا تعبأ بالتصنيفات الزئبقية التي تعتمدها بعض الحكومات انطلاقاً من مصالحها الضيقة.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: