الأربعاء, 3 سبتمبر 2025 02:10 AM

الحسكة: تدهور القدرة الشرائية يفاقم معاناة السكان حتى في تأمين الضروريات

الحسكة: تدهور القدرة الشرائية يفاقم معاناة السكان حتى في تأمين الضروريات

سامر ياسين – الحسكة

يتجول أحمد عثمان في سوق الحسكة عارضًا ملابس مستعملة على بسطته الصغيرة، باحثًا عن مصدر رزق في ظل الغلاء المتزايد الذي يثقل كاهله. يروي أحمد لنورث برس معاناته، حيث تبدو ملامحه متعبة وعيناه تعكسان الإرهاق نتيجة الأيام الطويلة التي يقضيها في العمل لمواجهة ارتفاع الأسعار وتأمين الاحتياجات الأساسية لعائلته. يقضي أحمد يومه في التنقل بين أرجاء السوق، محاولًا بيع بعض القطع لتوفير قيمة إيجار منزله وتكاليف معيشة أسرته. ويضيف أن الأسعار ترتفع يومًا بعد يوم، مما يقلص الخيارات المتاحة أمامه وأمام السكان الذين باتوا يقتصرون على شراء الضروريات فقط، تاركين الكماليات والفواكه والخضروات جانبًا، وذلك بسبب التراجع المستمر في القدرة الشرائية.

معاناة متفاقمة

يأتي هذا الوضع في ظل أزمة اقتصادية متدهورة تعيشها المدينة منذ مدة طويلة. ضعف القدرة الشرائية هو نتيجة مباشرة لانخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل تراجع الإنتاج الزراعي ونقص الأمطار وارتفاع تكاليف الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء، إضافة إلى قلة فرص العمل، كما يرى سكان المدينة. يقول عثمان لنورث برس: "الوضع الاقتصادي الآن سيء للغاية. الأوضاع المعيشية وحركة البيع والشراء ضعيفة جدًا، خاصة في الأيام القليلة الماضية مع ارتفاع سعر صرف الدولار إلى ما يقارب 11,500 ليرة سورية". ويضيف: "علبة الزيت النباتي التي كنا نشتريها بـ 14 ألف ليرة، وصل سعرها الآن إلى 19 ألفًا. لم نعد نشتري سوى الضروري فقط، ونسعى لتدبير معيشتنا اليومية. أقل مصروف يومي يتجاوز 50 ألف ليرة سورية".

واقع اقتصادي خانق

يشعر السكان يوميًا بعجزهم المتزايد عن تلبية احتياجاتهم الأساسية، وكيف أصبحت حياتهم اليومية تقتصر على الحد الأدنى من المتطلبات، سواء في الطعام أو الماء أو الكهرباء. وأشار العديد منهم إلى أنهم اضطروا إلى الاستغناء عن أمور كانت جزءًا من حياتهم، مثل شراء الملابس الجديدة أو بعض أنواع الفواكه والخضروات. أما الأسواق، فقد أصبحت شبه خالية من الزبائن، وحركة البيع والشراء تكاد تكون متوقفة، مما يزيد الضغط على أصحاب البسطات والمحلات التجارية على حد سواء. وفي ظل هذا الواقع، يجد السكان أنفسهم مجبرين على تقليل استهلاكهم إلى الضروريات، بينما يتحملون عبء الأسعار المتزايدة التي تحد من قدرتهم الشرائية بشكل كبير.

أزمة شاملة

يقول نذير نجاري، أحد سكان الحسكة، لنورث برس: "الأزمة الاقتصادية الخانقة لم تعد مقتصرة على الحسكة، بل باتت تشمل سوريا بأكملها، فيما رقعة الفقر تتسع يوماً بعد يوم". ويضيف: "غلاء الأسعار مستمر، وعدم استقرار سعر صرف الدولار يسبب أزمة اقتصادية حقيقية للشعب السوري. وصلنا إلى مرحلة الجوع والفقر دون مبالغة. نحن بحاجة إلى زيادة الرواتب بما لا يقل عن ثلاثة أضعاف، إذ إن الدخل الشهري لم يعد يكفي أكثر من خمسة أيام". ويتابع: "هناك مواد أساسية تزيد أسعارها بنسبة تتجاوز 75%، وبات المواطن عاجزًا عن شرائها، مثل اللحوم بأنواعها، والبيض، والحليب، وأدوية الأطفال، وحتى الأدوية العادية". ويشير نجاري إلى أن العمل في الأسواق والبسطات لم يعد كافيًا لتأمين دخل يومي ثابت، موضحًا أن العامل العادي الذي لا يتجاوز دخله 50 ألف ليرة يوميًا بالكاد يغطي تكاليف المواصلات، فضلًا عن الحاجات الأساسية للمنزل. ويختتم بالقول: "يجب توفير بيئة اقتصادية مناسبة وتوسيع فرص العمل لتخفيف وطأة الأزمة على السكان".

ركود شبه تام

من جهته، تحدث عبد الرحمن خليل، صاحب محل للمواد الغذائية والمستلزمات المنزلية في السوق المركزي، لنورث برس، قائلاً: "الأسعار كانت في السابق مقبولة، لكن ارتفاعها مؤخرًا أدى إلى ركود شبه كامل في السوق". ويضيف: "السكان باتوا يشترون الضروريات فقط، كالغذاء اليومي من طعام وشراب، فيما أصبحت بقية الأمور ثانوية ويتم تأجيلها. هذا الأمر أثر سلبًا علينا كتجار وعلى السكان في آن واحد، إذ أصبحت القدرة الشرائية ضعيفة جداً، واقتصر الشراء على الأساسيات فقط". ويختم بالقول: "التأثير لم يقتصر على المحلات التجارية، بل انعكس على اقتصاد المدينة عموماً، فيما يشكو السكان من ضعف قدرتهم الشرائية أمام الأسعار المرتفعة".

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: