الثلاثاء, 25 نوفمبر 2025 08:26 PM

الدكتور مازن هاشم يستعرض أبعاد التجديد والتراث في الفكر الإسلامي المعاصر بالمكتبة الوطنية بدمشق

الدكتور مازن هاشم يستعرض أبعاد التجديد والتراث في الفكر الإسلامي المعاصر بالمكتبة الوطنية بدمشق

دمشق-سانا: استضافت المكتبة الوطنية في دمشق محاضرة للدكتور مازن هاشم، نظمتها هيئة الموسوعة العربية، تناولت العلاقة المعقدة بين التراث والتجديد، وكيفية صياغة فكر إسلامي معاصر وحضاري.

شهدت المحاضرة، التي حملت عنوان "أبعاد التجديد وتوجهاته: التوجه التبجيلي – التوجه الحداثي – التوجه التركيبي"، إقبالاً كبيراً من الباحثين والمهتمين بالشأن الفكري، وذلك احتفاءً بالدكتور هاشم الذي عاد إلى الوطن بعد غياب دام 45 عاماً.

ماهية التراث ودوره في تشكيل العقل المسلم

أوضح الدكتور هاشم أن التراث يمثل حصيلة تفاعل المسلمين على مر العصور مع القرآن الكريم والسنة النبوية، من خلال تطبيق مقاصدهما على الواقع المتغير، بالإضافة إلى الاستفادة من تراث الأمم الأخرى عبر الحوار والنقد والتفاعل المعرفي.

وأشار إلى أن القرآن والسنة لا يعتبران جزءاً من التراث، لأنهما يمثلان الثوابت المطلقة، بينما التراث هو نتاج بشري مرتبط بظروف الزمان والمكان، ولكنه يحمل قيمة معرفية كبيرة لما يحتويه من علوم متنوعة كالفقه والكلام والفلسفة والعلوم الطبيعية.

إشكالية المصطلحات ودورها في تشكيل الوعي

يرى الدكتور هاشم أن المصطلحات في التراث الإسلامي تحمل منظومات معرفية متكاملة، ولا يمكن تفريغها أو إعادة تشكيلها خارج إطارها الأصلي، داعياً إلى الحفاظ على دقة المصطلح عند نقله أو ترجمته.

توجهات رئيسية في التعامل مع التراث وضرورة التجديد

استعرض الدكتور هاشم ثلاثة توجهات رئيسية في التعامل مع التراث وضرورة التجديد:

  • التوجه النقلي التبجيلي: يركز على نقل التراث كما هو، مع توسع محدود لتقديمه للقارئ المعاصر. ويعتقد أتباع هذا التوجه أن جميع حلول مشكلات العصر موجودة داخل التراث، ويقللون من أهمية الاجتهاد المعاصر.
  • التوجه العصري الحداثوي: يسعى إلى انتقاء ما يتوافق مع الحضارة الغربية الحديثة، حتى على حساب المنظومة المفاهيمية الإسلامية، وينظر إلى التراث على أنه تعبير عن "تأخر تاريخي"، مع إعطاء الأولوية للمفاهيم الحداثية على النصوص.
  • التوجه التركيبي (التجديدي): يعتبر الأكثر انسجاماً مع طبيعة التجديد في الإسلام، حيث يسعى إلى اكتشاف "الصبغة الإسلامية" الكامنة في القرآن والسنة، والتي تشبه "الشفرة الجينية"، وفقاً لتعبير هاشم، والتي تمكن من توليد حلول جديدة ملائمة للزمان والمكان، دون قطع الصلة بالأصول.

وأكد الدكتور هاشم أن القرآن الكريم ثابت في كلياته ومقاصده، بينما ترتبط بعض أحاديث السنة بسياقات زمانية ومكانية معينة، خاصة في موضوعات المعاملات والمال، على عكس قضايا الأسرة التي بقيت ثابتة عبر الأزمنة.

التراث بين التقديس والرفض

أشار الدكتور هاشم إلى أن التراث الإسلامي، على الرغم من ثرائه، شهد مراحل من الجمود والانغلاق، وهو ما نبه إليه ابن خلدون قديماً. وانتقد في الوقت نفسه التوجه الحداثوي الذي يرى التراث مجرد "عبء تاريخي"، معتبراً هذا الموقف مجافياً للإنجاز العلمي الهائل للحضارة الإسلامية. في المقابل، ينظر التوجه التركيبي إلى التراث على أنه جهد بشري راق، ولكنه غير معصوم، ويحق للأجيال اللاحقة نقده وتجاوزه وفق ضوابط المنهج.

الأمة والتموضع الحضاري

تطرق الدكتور هاشم إلى موقع الأمة في ظل التحولات العالمية، مؤكداً أن التوجه الحداثوي يعجز عن رؤية مفهوم الأمة، بينما يدرك التوجه التركيبي أن القرآن يخاطب أمة موحدة القيم والمصير، وأن التجديد يجب أن يستعيد هذا الوعي الحضاري.

اختتم الدكتور مازن هاشم محاضرته بالتأكيد على أن التجديد أصالة لا تبعية، وأن الحوار مع التراث يجب أن يكون من موقع الفهم والنقد البناء، داعياً إلى إحياء العقل الاجتهادي الذي ميز الحضارة الإسلامية عبر تاريخها.

نبذة عن الدكتور مازن هاشم

يذكر أن مازن هاشم حاصل على دكتوراه في علم الاجتماع من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو عضو في جمعية علماء الاجتماع الأمريكية. قام بالتدريس في جامعات أمريكية وتركية، وله مؤلفات عديدة في مقاصد الشريعة وقضايا الهجرة والوجود العربي في أمريكا الشمالية.

مشاركة المقال: