الإثنين, 22 سبتمبر 2025 09:59 PM

الدولار في مهب الريح: التضخم وإزالة الدولرة يهددان عرش العملة الأميركية

الدولار في مهب الريح: التضخم وإزالة الدولرة يهددان عرش العملة الأميركية

لا تستند قوة الدولار الأميركي إلى عامل واحد، بل إلى تفاعل معقد بين السياسات النقدية والمالية، والوضع الاقتصادي المحلي، والاعتبارات السياسية والجيوسياسية. هذه العوامل تحدد ما إذا كان الدولار سيحافظ على مكانته كأقوى عملة في العالم، أو سيواجه ضغوطاً تقوض هيمنته.

السياسات النقدية وأسعار الفائدة: يعتبر قرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة عاملاً مؤثراً في قوة الدولار. رفع أسعار الفائدة يزيد جاذبية الاستثمارات المقومة بالدولار، مما يعزز الطلب على العملة ويرفع قيمتها. في المقابل، خفض الفائدة يقلل عوائد الاستثمار ويضعف مكانة الدولار في الأسواق العالمية.

الاستقرار السياسي وثقة الأسواق: المناخ السياسي يلعب دوراً حاسماً في تحديد اتجاه الدولار. عدم الاستقرار السياسي والغموض في السياسات الحكومية يثيران شكوك المستثمرين حول موثوقية الدولار كعملة احتياط دولية، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب عليه وتراجع قيمته.

العجز المالي والدين العام: الارتفاع المستمر في العجز المالي وتفاقم الدين العام الأميركي يثيران القلق بشأن استدامة المالية العامة. مع زيادة الاقتراض الحكومي، يتخوف المستثمرون من فقدان الثقة بقدرة الولايات المتحدة على ضبط أوضاعها المالية، مما يضع ضغوطاً هبوطية على الدولار.

الميزان التجاري: العجز في الميزان التجاري الأميركي يضغط على الدولار. عندما تستورد الولايات المتحدة أكثر مما تصدر، يخرج المزيد من الدولارات إلى الخارج، مما يزيد المعروض منها عالمياً ويؤدي إلى تراجع قيمتها أمام العملات الأخرى.

إزالة الدولرة وتراجع الهيمنة: تتصاعد ظاهرة "إزالة الدولرة" (De-dollarization)، حيث تسعى بعض الدول، مثل الصين وروسيا، إلى تقليل اعتمادها على الدولار في المعاملات التجارية والمالية الدولية من خلال اتفاقيات ثنائية أو جماعية تعتمد على العملات المحلية. هذه الخطوات تقلل الطلب العالمي على الدولار وتضعف دوره المركزي كعملة احتياط ووسيط أساسي للتجارة. وإذا استمر هذا الاتجاه، قد يواجه الدولار تحدياً استراتيجياً طويل الأمد في النظام المالي العالمي.

التضخم وتباطؤ الاقتصاد الأميركي: عندما ترتفع معدلات التضخم دون رفع أسعار الفائدة، تتراجع القوة الشرائية للدولار داخل الولايات المتحدة وخارجها، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة في الأسواق الدولية. تباطؤ الاقتصاد الأميركي مقارنة باقتصادات أخرى مثل الصين أو منطقة اليورو، يدفع المستثمرين لتوجيه أموالهم نحو الاقتصادات الأسرع نمواً، مما يضعف الطلب على الدولار وقيمته عالمياً.

العملات المنافسة: رغم أن الدولار لا يزال عملة الاحتياط الأولى عالمياً، فإن صعود عملات أخرى مثل اليورو واليوان الصيني، إضافة إلى العملات الرقمية السيادية، قد يشكل تهديداً تدريجياً لهيمنته. كلما ازدادت الثقة بهذه البدائل واتسع استخدامها في التجارة والاحتياطيات الدولية، تقلصت حاجة العالم إلى الدولار.

مستقبل الدولار يتحدد بتفاعل بين عناصر عدة: السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، الأداء الاقتصادي الأميركي، أوضاع الدين والعجز، والتطورات السياسية والجيوسياسية. لن يتحدد مصير الدولار بعامل واحد، بل بمحصلة معقدة من قرارات وسياسات وظروف عالمية متغيرة.

جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية – Cedra Markets

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: