الأربعاء, 5 نوفمبر 2025 12:13 AM

الزراعة الإيكولوجية: هل هي الحل المستدام للزراعة في سوريا أم مجرد شعار؟

الزراعة الإيكولوجية: هل هي الحل المستدام للزراعة في سوريا أم مجرد شعار؟

الزراعة الإيكولوجية ليست مجرد نظام زراعي خالٍ من المبيدات والأسمدة الكيماوية، بل هي نهج بيئي واجتماعي متكامل يهدف إلى تصميم أنظمة زراعية تحاكي الطبيعة، وتستند إلى المعرفة المحلية، وتدعم المجتمعات الريفية والبيئة معًا. إنها زراعة تعتمد على العلم والخبرة الفلاحية، وتعيد الاعتبار للتنوع البيولوجي والعدالة الاجتماعية والسيادة الغذائية.

على الرغم من سعي وزارة الزراعة في السنوات الأخيرة لتعزيز مفاهيم الزراعة الإيكولوجية وتنفيذ مشاريع تجريبية بالتعاون مع منظمات دولية وهيئات بحثية، إلا أن هذه الجهود واجهت تحديات في الاستمرارية والمتابعة. المشاريع تنوعت بين دعم الزراعة العضوية، والتدريب على تقنيات الزراعة الحافظة، واستصلاح الأراضي المتدهورة، وتجريب أساليب زراعية بديلة تراعي التحديات المناخية والبيئية. السؤال المطروح: هل تُنفّذ الزراعة الإيكولوجية كنهج تحويلي حقيقي، أم كمجرد شعار في مشاريع مؤقتة؟

الخبيرة الزراعية الدكتورة انتصار الجباوي أوضحت أن الزراعة الإيكولوجية تسعى إلى تقليل الاعتماد على المدخلات الخارجية، مثل المبيدات المستوردة والبذور الهجينة والأسمدة الكيميائية، وتدعو بدلاً من ذلك إلى بناء تربة حية، واستخدام أصناف متأقلمة، وإعادة تدوير المواد العضوية، والتفاعل الإيجابي مع النظام البيئي الزراعي.

وحول إمكانية تطبيق هذه الزراعة في سوريا، أشارت الجباوي إلى أن البيئة السورية مؤهلة لتكون أرضًا خصبة للزراعة الإيكولوجية، نظرًا للتنوع المناخي والبيئي الغني، والموارد المحلية المتاحة، والخبرة العميقة المتوارثة لدى المجتمعات الفلاحية، والأزمة الحقيقية في كلفة الإنتاج والاعتماد على الخارج. تطبيق مبادئ هذه الزراعة يمكن أن يكون مسارًا ذكيًا لتخفيض التكاليف وتحقيق الأمن الغذائي واستدامة الموارد. الزراعة الإيكولوجية ليست وصفة سحرية، لكنها مسار حقيقي قابل للتطبيق بشروط، منها الدعم السياسي والفني، والتجارب المحلية المدروسة، وتوجيه البحوث الزراعية والإرشاد نحوها.

الجباوي أوضحت لـ(الحرية) أن هذه الزراعة تدعم الفلاح السوري من خلال تقليل الاعتماد على المدخلات المكلفة، وتوفير بدائل محلية مثل إنتاج السماد العضوي من بقايا المحاصيل وروث المواشي، واستخدام بذور بلدية أو محسنة محليًا بدل المستوردة. كما تسهم في تحسين خصوبة التربة تدريجيًا، وتقليل الأمراض والآفات من خلال التنوع البيئي، وتعزيز التسويق المحلي والدخل الريفي.

وأضافت الجباوي أن الزراعة الإيكولوجية أوسع وأعمق من الزراعة العضوية من الناحية الاجتماعية والبيئية، حيث تعتمد على مدخلات محلية معاد تدويرها، وتسويق مجتمعي محلي، وإطار مرن ومتكامل.

تعتمد الزراعة الإيكولوجية على أدوات متعددة، مثل التنوع الزراعي والدورات الزراعية، واستخدام السماد العضوي والكمبوست، والمكافحة البيولوجية الطبيعية، وتقنيات المياه والريّ التشاركي، وإعادة استخدام المخلفات الزراعية، وإشراك المجتمع المحلي في القرارات الزراعية.

الزراعة الإيكولوجية فرصة حقيقية لنظام زراعي أكثر عدالة ومرونة واستدامة، لكن نجاحها يحتاج إلى توجه سليم يفضي إلى بلورة الانتقال إلى هذه الزراعة من خلال تجهيز الأرضية المناسبة وإعداد البرامج الزراعية نحو هذا التوجه.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: