الإثنين, 6 أكتوبر 2025 10:07 PM

الزراعة المائية: حل مبتكر لمواجهة التوسع العمراني وتحقيق الأمن الغذائي في سوريا

الزراعة المائية: حل مبتكر لمواجهة التوسع العمراني وتحقيق الأمن الغذائي في سوريا

في مواجهة التحديات المتزايدة التي تعيق القطاع الزراعي، برزت الزراعة المائية كبديل استراتيجي للحفاظ على الأراضي الزراعية المتناقصة نتيجة للتوسع العمراني. تهدف هذه الزراعة المبتكرة إلى إيجاد توازن بين الحاجة إلى السكن والحفاظ على الأراضي الزراعية، التي تعتبر شريان الحياة للاقتصاد السوري والأمن الغذائي.

المهندس الزراعي منصور المسلماني أوضح أن هذه الزراعة، التي تعتبر حديثة العهد في سوريا، جاءت كرد فعل على الزحف العمراني السريع الذي استنزف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الخصبة خلال السنوات الماضية. وأشار إلى أن هذا التوسع العمراني الأفقي أدى إلى تقليل الإنتاج الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي، مما هدد الأمن الغذائي في بلد كان يعتمد بشكل كبير على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل القومي.

وأضاف المسلماني أن جميع المحافظات السورية شهدت توسعاً في الزراعة المائية على حساب الأبنية الأفقية، وذلك بعد أن أصبح واضحاً أن استمرار التوسع الأفقي يعني فقدان المزيد من الأراضي الزراعية. لذا، كان الحل هو زراعة المحاصيل عمودياً في طبقات مكدسة لاستغلال المساحة القصوى. وأكد أن هذه الزراعة تتطلب مراقبة دقيقة للإضاءة الاصطناعية وأنظمة التحكم في الظروف البيئية مثل درجة الحرارة والرطوبة.

مساحة صغيرة

تتم زراعة النباتات في أرفف أو أبراج مكدسة بعضها فوق بعض، مما يزيد من الإنتاجية في مساحة محدودة. يتم التحكم في جميع العوامل البيئية، مثل الإضاءة (غالبًا باستخدام مصابيح LED)، ودرجة الحرارة، والرطوبة، وتوفير المغذيات، لتحسين نمو النبات.

تكنولوجيا الزراعة المائية

أشار المسلماني إلى أن الزراعة العمودية تعتمد غالبًا على تقنيات من دون تربة مثل الزراعة المائية (حيث تُغمر جذور النباتات في محلول مائي مغذٍ) أو الزراعة الهوائية (حيث تُرش الجذور بمحلول غني بالمغذيات في بيئة ضبابية). وأكد أن هذا النوع من الزراعات مثالي للدول التي تعاني من نقص الأراضي الزراعية أو في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، حيث يتيح زراعة الغذاء على مدار العام بغض النظر عن الظروف المناخية الخارجية. تعتمد هذه الزراعة على زراعة النباتات في أوانٍ أو أوعية لفية ومن ثم سقايتها بالماء. ورغم تكلفتها العالية في بداية المشروع، إلا أن إنتاجيتها عالية وتعطي أكثر من موسم.

كفاءة استخدام الموارد

تساهم الزراعة المائية في توفير كميات كبيرة من المياه مقارنة بالزراعة التقليدية، كما توفر محاصيل صحية وخالية من الآفات، مما يضمن إنتاج محاصيل صحية وطازجة.

تحديات

وعن نجاح هذه الزراعة في سوريا، أوضح المهندس المسلماني أن الزراعة المائية نجحت في محافظة إدلب من خلال برامج تدريبية لتمكين النساء في منطقة إدلب من إنشاء مشاريع زراعية صغيرة ومستدامة تعتمد على تقنيات الزراعة المائية لإنتاج محاصيل متنوعة في مساحات محدودة، مما يعزز الاكتفاء الذاتي وريادة الأعمال. وتُعدُّ هذه المشاريع حلاً مبتكرًا لمواجهة نقص المساحات الزراعية وتحديات إنتاج الغذاء في المنطقة.

وأشار إلى أنها تقنية زراعية حديثة تعتمد على زراعة النباتات في محلول مغذٍ يحتوي على جميع العناصر الضرورية لنموها، بدلاً من استخدام التربة التقليدية. ومن ميزاتها أنها ساهمت في تمكين النساء في المناطق المهجرة من خلال مشاريع زراعية صغيرة يمكن تنفيذها من المنزل أو في مساحات صغيرة، وساعدت الأسر على تأمين احتياجاتها من الخضروات والمحاصيل المتنوعة، إضافة إلى أنها تعتبر حلاً لمشكلة نقص المساحات الزراعية المتوفرة، خاصة في المناطق الحضرية. كما تسهم في استدامة بيئية من خلال تقليل الاعتماد على المبيدات الحشرية وتحسين إدارة الموارد. وقد لاقت تجربة الزراعة الشاقولية نجاحاً كبيراً في محافظة ريف دمشق، حيث تم تطبيق أنظمة الأبنية الشاقولية ضمن توسعات المخططات التنظيمية الحديثة. وقد جاءت هذه السياسة بناءً على رغبة المزارعين ولاقى تنفيذها ارتياحاً كبيراً من شريحة واسعة من المواطنين. يمكن للزراعة الشاقولية أن تتكامل مع أنماط الزراعة الحديثة مثل الزراعة دون تربة التي بدأت تنتشر في بعض المناطق السورية مثل اللاذقية. هذه الطريقة توفر حتى 90% من المياه مقارنة بالزراعة التقليدية ويمكن استثمار أسطح وحدائق المنازل فيها.

المهندسة الزراعية منى البكري بينت أن "الزراعة المائية" تحتاج إلى أنابيب بقطر ثلاثة أو أربعة إنشات بحسب المحصول الذي يرغب المزارع بزراعته، وتثبت الأنابيب على جدار فوق بعضها بمسافات تسمح للنبات بالنمو، وتثقب الأنابيب بفتحات بحجم الكؤوس التي ستوضع المزروعات داخلها لتضمن ثباتها، مع الأخذ بعين الاعتبار نوع المحصول المزروع لتباعد المسافات بين الكؤوس كالورقيات، أو قربها كنبات الفريز.

فرص للتطوير

وأضافت المهندسة أن الأنابيب توصل عبر خراطيم تضخ لها الماء "المفلتر" يضاف إليه محلول مغذٍّ موجود داخل البراميل، والذي تقوم المضخة بدورها بتفريغ الماء كل أربع ساعات، وإعادة ضخ الماء لضمان استفادة النبات من المحلول، بالإضافة إلى وجود مضخة أكسجين لتنفس النبات، وتُبدل المياه داخل البراميل كل أربعة أيام تقريبًا. منوهة بأن هناك فرصاً لتطوير هذه التقنيات وتوسيع نطاقها لتشمل مساحات أكبر وزراعات متنوعة في المستقبل.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: