الأحد, 9 نوفمبر 2025 11:18 PM

السرطان يفتك بمرضى رأس العين وتل أبيض: نقص حاد في العلاج وتكاليف باهظة تزيد المعاناة

السرطان يفتك بمرضى رأس العين وتل أبيض: نقص حاد في العلاج وتكاليف باهظة تزيد المعاناة

عنب بلدي – رأس العين لم يتمكن الطفل عمران كرم (16 عامًا)، من مدينة رأس العين شمالي سوريا، من الفوز بمعركته مع السرطان، رغم كل ما بذله وأسرته من محاولة للتمسك بالأمل. قال والده، إن الفحص الذي أُجري في منتصف عام 2023، كشف إصابته بالدرجة الثالثة من سرطان الكبد، في وقت كانت فيه المدينة تفتقر إلى أي جهاز قادر على التشخيص المبكر أو مركز مختص بالعلاج.

لم تقتصر معركة عمران مع السرطان على المرض وحده، بل على صعوبة الوصول إلى العلاج أيضًا، فجرعات الكيماوي لم تكن متوفرة بانتظام. كما أنه لم يتمكن من دخول تركيا لتلقي العلاج سوى مرتين فقط، قبل أن تتوقف محاولاته بسبب نقص الأوراق، في حين كان المرض يتقدم بلا رحمة، مستنزفًا ما تبقى من فرص النجاة. وبعد صراع مع المرض، توفي عمران في حزيران الماضي، متأثرًا بتفاقم المرض وغياب الفرص العلاجية المتاحة، وسط معاناة أسرته في البحث عن أي وسيلة لعلاجه دون جدوى.

نقص في العلاج وتكاليف باهظة

منذ منتصف أيلول وحتى 10 من تشرين الأول الماضي، سُجلت في مدينتي رأس العين وتل أبيض ست حالات وفاة بسبب مرض السرطان، نتيجة تدهور حالتهم الصحية. أصيبت مرام الحمدوش، من مدينة تل أبيض، بسرطان الدم قبل عام، ومنذ ذلك الحين تعاني من نقص العلاج، إذ تقتصر زياراتها للمستشفيات على المسكنات. اضطرت مرام للسفر عبر مناطق “قسد” إلى مناطق الحكومة السورية، ودفع مبلغ 600 دولار في كل مرة لتلقي العلاج. وقالت إنها تقدمت بطلب للحصول على العلاج في تركيا، لكن طلبها رُفض لأسباب مجهولة، ما أدى إلى تفاقم حالتها. وأضافت أنها تعتمد حاليًا على دعم بعض الأشخاص والجمعيات الخيرية للتنقل تهريبًا بين الحين والآخر إلى دمشق للحصول على العلاج.

وتعاني المدينتان، شمالي سوريا، من نقص حاد في التجهيزات الطبية، لا سيما المتعلقة بفحص السرطان، والتي تتطلب عناية وأجهزة متقدمة. تقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتخضعان لسيطرة الحكومة السورية، وتحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذهما الوحيد نحو الخارج.

الظروف تؤخر التشخيص

يعتمد علاج مرضى السرطان على اكتشاف الحالة مبكرًا وسرعة بدء العلاج، إذ إن التدخل المبكر يزيد فرص الشفاء، بينما يؤدي التأخر في التشخيص إلى وصول المرض إلى مراحل متقدمة تجعل العلاج أقل فعالية وغالبًا غير مجدٍ. قال الطبيب العام من رأس العين حمادة رجب، إن ارتفاع أعداد المصابين بالسرطان في رأس العين وتل أبيض أصبح مقلقًا ويستدعي تدخلًا عاجلًا من المنظمات والجهات الحكومية.

وأضاف أن عمل كثير من الأهالي في “الحراقات” البدائية لاستخراج الفيول، وتناولهم الخضراوات المروية بمياه الصرف الصحي، يعرضهم للسموم والمعادن الثقيلة، ما يزيد من احتمال الإصابة بالأورام ويضاعف المخاطر الصحية. وأوضح أن أكثر أنواع السرطان انتشارًا تشمل سرطان الثدي والقولون والرئة وسرطانات الدم، خصوصًا بين الأطفال، لافتًا إلى أن غياب التشخيص المبكر والعلاج الكيماوي أو الإشعاعي في المنطقة أدى إلى وصول أغلبية الحالات إلى مراحل متقدمة ومستعصية على العلاج.

ودعا الطبيب إلى الإسراع في نقل المرضى إلى مستشفيات الداخل السوري أو تركيا، محذرًا من أن أي تأخير إضافي قد يقلل فرص الشفاء لعدد أكبر من المصابين.

250 حالة

العضو الإداري في فريق “بذرة خير” التطوعي حميد الخوجا، قال لعنب بلدي، إن الفريق أحصى ما يقارب 250 مصابًا بمرض السرطان في مدينتي رأس العين وتل أبيض، مع وجود حالات أخرى غير مسجلة بشكل رسمي. وبعد مناشدات من الأهالي، نسق الفريق بالتعاون مع المجالس المحلية والمعابر الحدودية لتنظيم رحلات علاج إلى دمشق عبر الأراضي التركية، وتمكن حتى الآن من تأمين رحلتين انطلقتا من تل أبيض ورأس العين، وضمتا نحو 35 مريضًا.

وبيّن الخوجا أن الفريق تكفل بجميع نفقات الإقامة والمصاريف الشخصية للمرضى طوال فترة علاجهم، مشيرًا إلى أن استمرار هذه الرحلات مرتبط بموافقة السلطات التركية، وينتظر الفريق القرار الرسمي لتنظيم دفعات جديدة من المرضى.

مشاركة المقال: