الجمعة, 16 مايو 2025 10:43 PM

العفو الدولية تطالب الحكومة السورية الجديدة بالعدالة والشفافية: خطوات حاسمة لمنع تكرار الانتهاكات

العفو الدولية تطالب الحكومة السورية الجديدة بالعدالة والشفافية: خطوات حاسمة لمنع تكرار الانتهاكات

دعت منظمة العفو الدولية اليوم الحكومة السورية الجديدة إلى اتخاذ خطوات فورية وملموسة نحو تحقيق العدالة وكشف الحقيقة وتقديم التعويضات، وذلك لمعالجة الإرث المدمر للانتهاكات الذي خلفته السنوات الماضية. كما شددت المنظمة على ضرورة تطبيق إصلاحات عاجلة تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان لمنع وقوع المزيد من الانتهاكات.

منذ عام 2011 وحتى عام 2024، وثقت منظمة العفو الدولية ارتكاب جرائم واسعة النطاق يشملها القانون الدولي، بما في ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، على يد حكومة الرئيس بشار الأسد. كما وثقت المنظمة ارتكاب جرائم مروعة من قبل القوى المتحالفة مع الحكومة، بما في ذلك روسيا، ومن قبل الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة وحليفتها تركيا، وسلطات الأمر الواقع بقيادة الأكراد والقوى المتحالفة معهم.

ترى منظمة العفو الدولية أن الحكومة الانتقالية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع والتي تشكلت في 29 مارس/آذار 2025، أمام فرصة حاسمة لطي صفحة الماضي وضمان عدم تكرار هذه الفظائع. وقد حددت المنظمة الخطوات ذات الأولوية التي ينبغي على السلطات اتخاذها لتحقيق ذلك والامتثال لالتزامات سوريا بموجب القانون الدولي.

في 14 أبريل/نيسان 2025، أرسلت منظمة العفو الدولية هذه التوصيات إلى السلطات السورية، وطلبت إجابات على سلسلة من الأسئلة والمستجدات بشأن خطط السلطات، لكنها لم تتلق ردًا حتى الآن.

وقالت كريستين بيكرلي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "لضمان طي صفحة الماضي، يجب على الحكومة السورية صون الحق في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والتعويض لجميع الناس في سوريا. لقد التزمت السلطات علنًا بالتعامل بجدية مع مطالب العدالة؛ ووفاءً لهذا الوعد، من المهم أن تضمن المشاركة الهادفة للناجين والضحايا ومنظمات المجتمع المدني السورية طوال العملية، فضلًا عن الالتزام بأقصى قدر من الشفافية."

وأضافت بيكرلي: "تقف سوريا في وجه تحديات هائلة، إلا أنّه ثمة أسس جوهرية لبناء سوريا جديدة أكثر عدالة، وتشمل ضمان المساءلة عن الجرائم التي ارتكبتها جميع الأطراف المتحاربة، وتقديم التعويضات للضحايا وعائلاتهم، الذين لا يزال كثيرون منهم يتعذبون من جرّاء فقدان أقاربهم المختفين قسرًا والمفقودين، وتنفيذ إصلاحات قائمة على مبادئ حقوق الإنسان في قطاعَيْ العدالة الجنائية والأمن في سوريا، وضمان معرفة عائلات المختفين بحقيقة ما حدث لأحبائها."

وشددت المنظمة على أنه من الضروري أن تعمل السلطات الجديدة على إعادة بناء الثقة بين الدولة والشعب في سوريا، وأن تأخير تحقيق العدالة لن يؤدي سوى إلى زيادة خطر إراقة الدماء. ودعت إلى تقديم جميع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وأعمال التعذيب والاختفاء القسري، إلى ساحة العدالة في محاكمات عادلة أمام محاكم مدنية عادية بدون أي تأخير.

أشارت المنظمة إلى أن الحكومة السابقة عرّضت بشكل ممنهج النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان للاعتقال والاختفاء القسري، وقمعت منظمات حقوق الإنسان المحلية، ومنعت منظمات حقوق الإنسان الدولية من الوصول إلى البلاد. ودعت السلطات الجديدة إلى السماح للمنظمات السورية والدولية بالعمل دون تدخل، والتشاور مع المجتمع المدني السوري، ومنح المنظمات المحلية والدولية إمكانية الوصول غير المقيد.

كما أكدت على ضرورة دعم المجتمع الدولي للشعب السوري في سعيه لمعرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض وبناء مستقبل أكثر عدلًا بعد سنوات من المعاناة، وحذرت من أن قطع التمويل الأجنبي عن المساعدات الإنسانية الحيوية يزيد من التحديات التي تواجهها البلاد.

وفيما يتعلق بقضية الاختفاء القسري الجماعي، دعت المنظمة الحكومة الجديدة إلى تصحيح الوضع القائم وضمان الإشراك الكامل والهادف للضحايا وممثليهم في تشكيل اللجنة الوطنية العليا المعنية بالأشخاص المفقودين، وصياغة صلاحياتها، وإطار عملها التشغيلي، وفي آليات الإشراف التي تضمن الشفافية والمساءلة.

كما شددت على ضرورة أن تستند آليات الحقيقة والعدالة والتعويض الفعالة إلى مشاورات وطنية مع السوريين، وخاصة الناجين والضحايا، وأن يتم إنشاء برامج تعويض تسترشد بتجربة الناجين وعائلات الضحايا وتقدم علاجات شاملة تعترف بمعاناة الضحايا وتساعد على إعادة بناء حياتهم.

ودعت المنظمة الحكومة السورية إلى السعي للحصول على تعويضات من دول مثل روسيا وتركيا والولايات المتحدة، والجهات الفاعلة الأخرى، بما في ذلك الشركات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان.

وفي الختام، أكدت منظمة العفو الدولية على ضرورة إنشاء آلية لضمان التدقيق الصارم لجميع المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين وغيرهم من الشخصيات المعينة المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية، بما في ذلك الجرائم المرتكبة في حقبة ما بعد حكومة الأسد، وضرورة التحقيق في عمليات القتل غير المشروعة، بما في ذلك الاستهداف المتعمد لمدنيين من الأقلية العلوية، في منطقة الساحل السوري في مارس/آذار 2025، بوصفها جرائم حرب.

كما دعت إلى إلغاء القوانين التي لا تتوافق مع القانون الدولي والمعايير الدولية، وسن تشريعات تكفل تمتُّع جميع الناس بحقوق الإنسان، بما في ذلك حقهم في نيل محاكمة عادلة، وفي معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض؛ وفي عدم التعرُّض للتعذيب والإخفاء؛ وفي المساواة وعدم التمييز.

مشاركة المقال: