الثلاثاء, 26 أغسطس 2025 05:02 AM

العودة الطوعية للنازحين السوريين: الأمم المتحدة متفائلة رغم الأرقام المحدودة

العودة الطوعية للنازحين السوريين: الأمم المتحدة متفائلة رغم الأرقام المحدودة

زينب حمود

بعد أن أبدت «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» (UNHCR) في السابق تحفظات بشأن إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، مبررة ذلك بـ«غياب ظروف العودة الجماعية نتيجة عدم الاستقرار في سوريا، وحجم الدمار الواسع في البنى التحتية، واعتماد أكثر من 90% من السكان على المساعدات الإنسانية»، تبدو المفوضية اليوم أكثر حماساً لهذا الملف.

إذ تتحدث عن «فرصة إيجابية» يجب استثمارها لتحقيق عودة أوسع للنازحين، أو على الأقل إطلاق مسار «عودة واقعية ومستدامة». وفي هذا السياق، أعرب ممثل المفوضية في لبنان، إيفو فرايسن، عن «طموح المفوضية بأن تشهد الأشهر المقبلة عودة ما لا يقل عن 200 ألف لاجئ سوري إضافي من لبنان إلى بلدهم، والوصول إلى نحو 400 ألف عائد مع نهاية العام». هذا الرقم يعكس نتائج إحصاء أجرته المفوضية في شباط الماضي، وأظهر أن 24% من النازحين السوريين في لبنان يبدون استعداداً للعودة.

يأتي هذا التحول في الموقف الدولي تجاه الوجود السوري في لبنان، رغم هشاشة الأوضاع داخل سوريا وعدم تسجيل أي تحسن ملموس في ظروف الحياة بعد مرور ثمانية أشهر على سقوط النظام. فالوضع الأمني لم يشهد انفراجاً، والأوضاع الإنسانية والمعيشية لم تتبدل، وهي نفسها التي كانت المفوضية تعتبرها عائقاً أمام العودة. إذ لا توجد خطط فعلية لإعادة الإعمار أو إنعاش الاقتصاد حتى الآن، فيما أكدت مصادر في المفوضية نفسها أن سوريا تواجه «أزمة إنسانية كبرى، مع بقاء ملايين السكان بحاجة إلى مساعدات عاجلة تشمل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى».

يبدو أن الجانبين اللبناني والدولي توصلا إلى قناعة بأن وقت عودة النازحين قد حان، فكانت النتيجة إطلاق خطة «العودة الطوعية» مطلع تموز الماضي، بدعم من الحكومة اللبنانية، وبمشاركة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين و«المنظمة الدولية للهجرة». وقد جرى تقسيم الخطة إلى مسارين: الأول يقوم على برنامج «العودة الطوعية المنظمة ذاتياً»، حيث يتولى النازحون، بإشراف المفوضية، تنظيم عودتهم عبر المعابر الحدودية الرسمية. أما المسار الثاني فيُعهد به إلى «المنظمة الدولية للهجرة»، التي تضطلع بمهمة تنظيم عمليات النقل مباشرة إلى سوريا.

تقدر وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد كلفة تنفيذ المرحلة الأولى من هذه الخطة بنحو 200 مليون دولار، على أن تُقتطع من الموازنة المخصصة لخطة الاستجابة لاحتياجات النازحين. وبحسب ما أوضحته المفوضية، فإن «اللاجئين المسجلين لديها والراغبين في العودة يمكنهم التوجه إلى مكاتبها للحصول على المعلومات والخدمات المتصلة بالعودة، بعد التأكد من الطابع الطوعي للقرار». وتشمل المساعدة تزويدهم بالمعلومات حول الوضع داخل سوريا والإجابة عن استفساراتهم، بما في ذلك تحديد المناطق القادرة على استقبالهم من الناحية الأمنية والخدمية.

كذلك، يحصل كل فرد من أفراد الأسرة العائدة، إضافة إلى النقل بالحافلات، على مبلغ 100 دولار أميركي، مع إعفائهم من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة مخالفات قوانين الإقامة في لبنان، وفقاً لما أكده فرايسن. ولدى وصولهم إلى الأراضي السورية، تتولى وكالات الأمم المتحدة تقديم الدعم اللازم لهم في استصدار الوثائق الرسمية المفقودة، وتوفير المساعدة القانونية والنفسية والصحية، إلى جانب تقديم بعض المساعدات الإنسانية.

بعد شهر واحد فقط على إطلاق الخطة، سجل أكثر من 71,900 نازح اهتمامهم بالمشاركة في برنامج العودة الطوعية، وحصلوا على الاستشارات اللازمة حول خطوات العملية وما قد يترتب عليها، وهو ما اعتُبر مؤشراً إيجابياً إلى قدرة البرنامج على تشجيع النازحين. غير أن هذه الرغبة لم تتحول إلى أرقام ملموسة، نتيجة تردد كثيرين بسبب غياب اليقين حيال الأوضاع في سوريا على المديين القصير والطويل. وتتركز المخاوف على: إمكانية الوصول إلى التعليم وفرص العمل، قضايا السكن والأراضي والممتلكات غير المحسومة، ومدى استمرارية المساعدات الإنسانية بعد العودة.

هذا التردد انعكس في تجربة العودة الجماعية الأولى التي نظمتها «المنظمة الدولية للهجرة» أواخر تموز، إذ لم تحمل الحافلات سوى 72 نازحاً، ولم تُسجل بعدها أي رحلة ثانية بانتظار تجميع عدد كافٍ لإطلاق دفعة جديدة. وتبرر المفوضية ذلك بـ«تفضيل معظم النازحين العودة بشكل فردي»، مشيرةً إلى أن نحو 168 ألف نازح عادوا فعلياً من لبنان إلى سوريا في السنوات الماضية وشُطبوا من سجلاتها، من أصل 1.5 مليون مسجل، أي ما يعادل 11.2% فقط من مجموع النازحين السوريين.

مشاركة المقال: