الإثنين, 17 نوفمبر 2025 01:01 AM

القنيطرة: خسائر فادحة للمزارعين بسبب التجريف والحصار الإسرائيلي

القنيطرة: خسائر فادحة للمزارعين بسبب التجريف والحصار الإسرائيلي

عنب بلدي – راكان خضر: تتفاقم معاناة سكان محافظة القنيطرة جراء التوغلات الإسرائيلية المتكررة، والتي تتخذ أشكالًا متعددة، بدءًا من حملات التفتيش والاعتقالات التي تستهدف شبان المنطقة، مرورًا بإقامة الحواجز التي تعزل القرى والبلدات عن بعضها البعض، وصولًا إلى تجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمحميات الطبيعية.

تشير التقارير إلى أن المساحات التي جرفها الجيش الإسرائيلي قد بلغت حوالي 9000 دونم، تتوزع بين 7000 دونم في الريف الشمالي و2000 دونم في الريف الجنوبي من المحافظة، وتتركز المساحة الأكبر في قرية جباتا الخشب، وفقًا لما ذكره الإعلامي محمد فهد. كما تم قطع 450 دونمًا من الأشجار الحرجية في محمية جباتا الخشب، بالإضافة إلى 100 دونم في محمية الشحار المزروعة بأشجار الصنوبر، و100 دونم أخرى من أراضي المراعي التي مُنع الرعاة من الوصول إليها، فضلًا عن 100 دونم في أحراش بريقة وبئر عجم، و50 دونمًا في محمية كودنة بالريف الجنوبي.

تجريف ومنع وصول

أقامت القوات الإسرائيلية نقطة عسكرية داخل الأراضي الزراعية في قرية جباتا الخشب، ومنعت الفلاحين من الوصول إلى 5000 دونم من الأراضي المزروعة بالحبوب والأشجار المثمرة، مثل الزيتون والتفاح والكرز والتوت، إلا بعد التنسيق مع قوات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة، الأمر الذي يعيق وصولهم إلى أراضيهم، بحسب ما أفاد به مختار القرية، محمد مازن مريود، لعنب بلدي.

وأضاف مريود أن الجيش الإسرائيلي منع الأهالي أيضًا من الوصول إلى 7000 دونم أخرى من أراضي المراعي والأراضي المزروعة بالحبوب في القرية بشكل نهائي، مما تسبب في ضائقة معيشية للسكان الذين يعتمدون على تربية المواشي كمصدر رزق أساسي.

من جهته، أوضح حسن أحمد، أحد سكان المنطقة، لعنب بلدي، أنه فقد عشرة دونمات من أرضه المزروعة بالزيتون والكرز والخوخ، بالإضافة إلى حظيرة حيوانات كان قد بناها في تلك الأرض، بعد أن قامت القوات الإسرائيلية بتجريفها. وذكر أن الجيش الإسرائيلي جرف 20 دونم زيتون لجيرانه من عائلة كيوان وعشرة دونمات مزروعة بالزيتون والتوت الشامي لعائلة سعد الدين في نفس البلدة، بالإضافة إلى عشرات الدونمات المزروعة بالأشجار المثمرة والحبوب لأكثر من عائلة في القرية.

أحد سكان قرية بئر عجم (تحفظ على نشر اسمه لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، إن التوغلات الإسرائيلية في القرية وأعمال التجريف التي قامت بها أثرت على أعمال الأهالي بشكل كبير، حيث جرفت القوات الإسرائيلية حوالي 100 دونم من أراضي بئر عجم وبريقة المجاورة، مما سبب ضائقة معيشية لدى سكان القرية الذين يعتمدون على تربية المواشي وبعض الأعمال السياحية البسيطة.

“تحت خط الفقر”

“أصبحت العائلات تحت خط الفقر”، بهذه العبارة وصف حسن أحمد، أحد سكان جباتا الخشب، أوضاع الأهالي في المنطقة، موضحًا أن العائلات التي تعرضت أراضيها للتجريف أصبحت مضطرة للعمل لدى الآخرين الذين لم تتضرر ممتلكاتهم حتى الآن، خاصة من الذين يعيشون خارج القرية. وأشار إلى أن 70% من أراضي المراعي في جباتا تعرضت للتجريف، مما اضطر مربي المواشي لبيع قسم من مواشيهم لتأمين قوت يومهم، والغذاء اللازم لبقية المواشي.

وأوضح أحمد أن تكلفة غذاء 50 رأسًا من الغنم تبلغ 400 ألف ليرة سورية يوميًا، أي ما يعادل 33 دولارًا تقريبًا، نتيجة منع إسرائيل للأهالي من الوصول إلى مراعيهم، وهي مبالغ تفوق قدرة الأهالي.

وفي بئر عجم، لم يكن الوضع أفضل، حيث دفعت التصرفات الإسرائيلية أغلب سكان القرية إلى الهجرة بسبب قلة أراضي المراعي من جهة، والقضاء على الطبيعة الخضراء الجاذبة لبعض الزوار إلى المنطقة نتيجة أعمال التجريف الإسرائيلي من جهة أخرى.

شكاوى بلا نتائج

تواصل الأهالي مع قوات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة، واشتكوا من التعديات الإسرائيلية، وفق ما ذكره مختار قرية جباتا الخشب، مشيرًا إلى أن القوات الدولية وعدتهم بنقل الشكوى إلى منظمة الأمم المتحدة، موضحة أن دورها في المنطقة يقتصر على المراقبة فقط. وأضاف حسن أحمد، من سكان جباتا الخشب، أن القوات الدولية وعدتهم بإيصال شكواهم إلى مجلس الأمن والمنظمات الدولية، لكنها لم تتخذ أي إجراء على الأرض لردع القوات الإسرائيلية.

وأشار إلى أنه تواصل شخصيًا مع منظمة “الصليب الأحمر”، وعدد من المنظمات الدولية في سوريا وخارجها، بالإضافة إلى أكثر من وسيلة إعلامية محلية وعربية لتوضيح الصورة ونقل المشهد للعالم، لكن جميع تلك الخطوات لم تثمر عن أي نتيجة.

أما فيما يخص الجهات الحكومية، فأكد مختار جباتا الخشب أن الأهالي تواصلوا مع المحافظة التي أخبرتهم أن الملف بأكمله يتعلق بمسار سياسي تعمل عليه الحكومة السورية على أعلى المستويات لإخراج القوات الإسرائيلية من المنطقة. وأضاف حسن أحمد، أن الأهالي في المنطقة تواصلوا مع المسؤول الأمني في القنيطرة، بالإضافة إلى المحافظة لكنهم لم يحصلوا على رد.

الموقف الرسمي

قال مدير مديرية الزراعة في القنيطرة، جمال عز الدين محمد علي، لعنب بلدي، إنه قام بجولة للاطلاع على الأضرار التي لحقت بالأراضي الزراعية بعد تلقي شكاوى من قبل الفلاحين، ورفعت المديرية كتابًا لوزارة الزراعة لتعويض المتضررين. أما فيما يخص الغابات، فقال محمد علي، إن مديرية الزراعة تواصلت مع الجهات الأمنية من أجل وقف التعديات الإسرائيلية المتكررة، بالإضافة إلى إبلاغ المحافظ بالواقع القائم، كما تواصلت مع قوات الأمم المتحدة الموجودة في المحافظة بخصوص الموضوع، ولم توضح المديرية لعنب بلدي، طبيعة أو مضمون الردود التي تلقتها بهذا الشأن.

مشاركة المقال: