الثلاثاء, 6 مايو 2025 12:22 PM

اللامركزية في سوريا: هل هي حل للأزمة أم خطر على الوحدة؟

اللامركزية في سوريا: هل هي حل للأزمة أم خطر على الوحدة؟

الحسكة – نورث برس

أثار طرح اللامركزية الذي تبنته الوثيقة السياسية لمؤتمر “وحدة الصف الكردي”، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية السورية، فقد انقسمت الآراء بين من اعتبر هذا النموذج خطوة نحو بناء سوريا جديدة، وبين من رآه مشروعًا انفصاليًا يهدد وحدة البلاد. ودعا المؤتمر الذي انعقد في القامشلي بشمالي سوريا، أواخر نيسان/ أبريل الفائت، إلى اعتماد نظام برلماني في سوريا يقوم على التعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات، مستندًا إلى مجالس محلية تعمل ضمن إطار اللامركزية.

اعتبرت الرئاسة السورية أن مخرجات المؤتمر تتعارض مع الاتفاق المبرم بينها وبين قيادة قوات سوريا الديمقراطية، بينما رأى آخرون أن مطلب اللامركزية يمثل شكلاً من أشكال الانفصال. وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، صرّح القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، بأن اللامركزية تمثل الخيار الأنسب للواقع الحالي في سوريا، مؤكدًا أنها لا تتعارض مع مفهوم وحدة الأراضي السورية.

“فشل النظام المركزي”

يقول فرحان داوود، مسؤول في حزب الاتحاد الديمقراطي، أكبر أحزاب تحالف الوحدة الوطنية الكردية، إن “النظام المركزي في سوريا فشل في معالجة الأزمات بسبب حصر السلطة في يد الرئيس فقط، مما أدى إلى تهميش مكونات الشعب”. ويضيف في تصريح لنورث برس: “ككرد نطالب بتطبيق النظام البرلماني لضمان تمثيل حقيقي لشعبنا داخل البرلمان الذي يجب أن يعكس تنوع سوريا الثقافي”.

ويشير داوود إلى أن النظام المركزي لا يعكس إرادة الشعوب، بل يؤدي إلى تهميشها، مؤكدًا أن تطبيق النظام البرلماني سيمكن كل المكونات من المشاركة في اتخاذ القرارات وحمايتها، وأن النظام اللامركزي يضمن حماية الجميع. ويشدد المسؤول في الاتحاد الديمقراطي على أن مطالب الكرد هي جزء من المطالب السورية، قائلاً: “نطالب بسوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية، حيث يتم تمثيل الجميع في البرلمان لحماية حقوقهم”، مضيفًا أن “تطبيق النظام اللامركزي سيقضي على الصراعات الداخلية ويوفر أساسًا للتعايش السلمي بين مختلف المكونات”.

“ضرورة قانونية”

من جانبه، يرى الحقوقي السوري عارف سلمان، أن النظام المركزي في سوريا لا يمنح حرية اتخاذ القرار، إذ يعتمد على الرجوع إلى السلطة المركزية البعيدة عن متطلبات كل مكون. ويقول لنورث برس: “اللامركزية الإدارية ضرورة قانونية لسوريا، إذ تتيح للمناطق حرية اتخاذ القرار بعيدًا عن المركز”، مضيفًا أن النظامين السابق والحالي فشلا في تطبيق اللامركزية.

ويبين  أن النظام الحالي يجعل الرئيس غير قابل للمحاسبة، وهو ما لا يتوافق مع تطلعات الشعب السوري: “اللامركزية ضرورية لتطوير سوريا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، حيث يمكن لكل منطقة إدارة شؤونها وفق احتياجاتها”. ويشدد  على أهمية فصل السلطات بحيث لا تؤثر سلطة على أخرى، مما قد يؤدي إلى فشل الدولة. ويقول: “عندما تفصل السلطات وتخضع للرقابة القضائية أو التشريعية، يتحقق التكامل والتناغم داخل الدولة”.

“لا انفصال”

ويوضح سلمان أن النظام اللامركزي لا يعني اقتطاع جزء من الدولة أو الانفصال السياسي، بل هو وسيلة لنجاح مشروع شامل يمس مختلف جوانب الحياة،  “اللامركزية أثبتت نجاحها في العديد من الدول على المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهي تتعارض مع حكم الفرد الواحد”. ويتابع: “التعددية السياسية والنظام اللامركزي لا يتناقضان مع مكونات الشعب السوري، بل يعززان حرية العمل وتطبيق القوانين، إلى جانب التنمية الاقتصادية والقانونية”.

وفي تصريح سابق لنورث برس، قال رئيس “حركة البناء الوطني”، أنس جودة، إن “اللامركزية مسألة أساسية، ولا يمكن الحديث عن مستقبل سوريا من دون مستوى معين من اللامركزية، سواء كان الشكل فيدراليًا أو غيره، فالمهم هو التوافق على شكل لا مركزي دستوريًا، أما التسميات فليست بتلك الأهمية”. وأضاف: “يجب أن يُطبق أي شكل نتوافق عليه على كامل الأراضي السورية، ويُعتمد نظام لا مركزي يمنح المجتمعات المحلية مساحة لتحقيق التنمية والتعبير عن هوياتها وهمومها الاقتصادية، مع ضرورة ضمان الأمن المحلي عبر الشرطة المحلية، كما حدث في اتفاقية شيخ مقصود والأشرفية في حلب”.

إعداد: سامر ياسين – تحرير: عبدالسلام خوجة

مشاركة المقال: