في أعقاب إعلان مصرف سوريا المركزي عن نيته إنشاء مديرية متخصصة بحماية المستهلك في الخدمات المالية، تزايدت التساؤلات حول مفهوم هذه الحماية وأهداف المديرية ومهامها.
تواصلت صحيفة الوطن مع الباحث الاقتصادي الدكتور رازي محي الدين الذي أوضح أن السلوك المالي الرشيد أصبح اليوم من أهم مرتكزات الاقتصاد الحديث، مكملاً للسلوك الاقتصادي والإداري الرشيد، وذلك لدوره المحوري في تعزيز الاستقرار المالي والتنمية المستدامة.
واعتبر محي الدين أن مقترح مصرف سورية المركزي خطوة إيجابية لإعادة بناء الثقة بالسوق المالية السورية، وترسيخ ثقافة مالية واعية ومنضبطة وشفافة، مع التأكيد على المسؤولية الفردية والمؤسساتية.
وأشار إلى أن ترسيخ السلوك المالي السليم يتجاوز مجرد ضبط التعاملات المصرفية ومحاربة الممارسات غير المشروعة، ليشمل تحولاً نوعياً في الثقافة الاقتصادية الوطنية، من خلال توجيه الأفراد والمؤسسات نحو الادخار المنتج كأداة للاستقرار المالي، والاستثمار المسؤول كرافعة للنمو، والتحول الرقمي في إدارة المال، والاستخدام الآمن للتكنولوجيا المالية (FinTech) بما ينسجم مع المعايير الدولية للحوكمة والشفافية.
ويرى محي الدين أن تبني نهج مراقبة السلوك المالي جزء من منظومة إصلاحية شاملة تهدف إلى تطوير بيئة الأعمال، وتحسين القرارات المالية، وتعزيز ثقة المستثمرين والمتعاملين بالمؤسسات المالية السورية، وهو ما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية.
وشدد على أن الوعي المالي هو أساس لنهضة اقتصادية حقيقية، ومفتاح لتحويل المجتمع من الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن العشوائية إلى الإدارة الواعية للموارد.
وكان حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية قد أوضح أن إنشاء مديرية متخصصة لحماية المستهلك في الخدمات المالية يأتي انطلاقاً من دور المركزي في تعزيز الشفافية وحماية حقوق المتعاملين في القطاع المالي، بهدف ترسيخ مبادئ العدالة والمساءلة في تعامل المؤسسات المالية مع عملائها.
وأكد أن هذا القرار يأتي في وقت يواجه فيه القطاع المالي تحديات مرتبطة بحماية المستهلك وتطوير جودة الخدمات، مما يؤكد توجه المصرف المركزي نحو تعزيز الثقة بالقطاع المالي، وضمان بيئة مصرفية أكثر توازناً وإنصافاً.
وبين أن المديرية الجديدة ستتولى مهام وضع الأطر التنظيمية والتشريعية لحماية حقوق المستهلك المالي، واستقبال الشكاوى ومعالجتها بشفافية وعدالة، ومراقبة التزام المؤسسات المالية بمعايير السلوك المهني والإنصاف، وتنفيذ برامج توعية مالية لرفع مستوى الثقافة المصرفية لدى الجمهور.
ويعمل المركزي حالياً على إعداد مشروع قانون لحماية المستهلك في الخدمات المالية، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية ويعزز الاستقرار المالي في سوريا.
عبدالهادي شباط