الجمعة, 4 يوليو 2025 12:26 PM

الهوية الوطنية السورية: من الجذور التاريخية إلى التعبير البصري المعاصر

الهوية الوطنية السورية: من الجذور التاريخية إلى التعبير البصري المعاصر

في خضم التحولات العميقة التي تشهدها الدول، يبرز سؤال الهوية الوطنية كضرورة ملحة: من نحن؟ ما الذي يوحدنا؟ وكيف نريد أن نعكس صورتنا للعالم ولأنفسنا؟ الهوية الوطنية أبعد من مجرد شعار أو نشيد؛ إنها نسيج معقد يجمع الثقافة، اللغة، التاريخ، الانتماء، الوجدان المشترك، والمصير الواحد. إنها الإحساس العميق الذي يجعل الفرد جزءًا من كيان أكبر، يرى فيه ذاته ويعترف بالآخر، ويتفاعل معه على أساس من القيم المشتركة.

في السياق السوري، كانت الهوية الوطنية حاضرة وغائبة في آن؛ حاضرة في الخطابات، غائبة عن السياسات؛ حاضرة في الشعارات، غائبة عن آليات الحكم. هذا التناقض أضعف الصلة بين الدولة والمجتمع، وأفرغ الرموز من محتواها. واليوم، مع إطلاق الدولة السورية لهوية بصرية جديدة، تتجدد الفرصة لطرح السؤال: هل هذه الهوية البصرية مجرد تجميل، أم أنها بداية لإعادة تعريف الهوية الوطنية السورية بشكل أعمق وأشمل؟

الهوية البصرية للدولة ليست منفصلة عن هويتها الوطنية، بل هي تعبير بصري مكثف عنها، والواجهة التي تطل بها الدولة على مواطنيها والعالم. لا يمكن أن تكون مجرد شكل بلا مضمون، أو رمزًا بلا سياق. تجديد الهوية البصرية فعل رمزي بامتياز، لكن رمزيته تتجاوز الألوان والخطوط إلى الرسائل التي تحملها: هل هي دعوة لوحدة وطنية قائمة على المشاركة الفاعلة؟ هل تستند إلى تاريخ جامع؟ هل تنفتح على المستقبل بلغة وهوية ناهضة؟

إذا كانت الهوية الوطنية تتكون وتصان بالعقد الاجتماعي الذي يربط الناس بدولتهم، فإن إطلاق الهوية البصرية الجديدة يجب أن يُقرأ كخطوة أولى نحو مشروع وطني شامل لإعادة بناء الهوية السورية على أسس جديدة: التعددية، المشاركة، الإنصاف، والعدالة الاجتماعية.

في الختام، الهوية الوطنية السورية ليست مجرد شعار أو لون أو تصميم؛ إنها مشروع حي، تراكمي، وجماعي، يتطلب توافقًا وطنيًا يراعي كل ما مرت به سوريا وكل ما تحمله من إمكانات. وإذا كانت الهوية البصرية الجديدة خطوة في هذا الاتجاه، فإن نجاحها لا يقاس بجمال تصميمها، بل بقدرتها على أن تكون مدخلاً لرؤية جديدة لسوريا، تؤسس لعلاقة متينة بين الدولة ومجتمعها، وتعيد إحياء الشعور الجمعي بأن هذا الوطن بكل رموزه هو بيت الجميع.

م.حسان نديم حسن (موقع أخبار سوريا الوطن-٢)

مشاركة المقال: