أُغلقت صناديق الاقتراع في دمشق وحلب وإدلب والقنيطرة، معلنة نتائج أول انتخابات لمجلس الشعب في "سوريا الحرة"، لكن المفاجأة كانت في غياب العنصر النسائي. على الرغم من أن النساء شكلن ثلث أعضاء الهيئات الناخبة في بعض المناطق، إلا أن النتيجة النهائية كانت "صفر نساء"، مما أثار جدلاً واسعاً حول أسباب هذا الغياب وهل يكمن الخلل في المجتمع أم في آليات الانتخابات نفسها.
المهندسة كندة حوصلي، المرشحة عن دمشق وعضو الهيئة الناخبة، تعتقد أن غياب النساء عن قوائم الفائزين لا يعود إلى نقص الكفاءة، بل إلى خلل مزدوج في آلية الانتخابات والتركيبة الاجتماعية الانتخابية. وتوضح أن الأمر لا يتعلق بقدرة النساء على المنافسة، بل بسببين رئيسيين: هيكلية الانتخابات وطريقة فرز الأصوات، وطبيعة المجتمع وطريقة اختياره للفائزين. وتقترح تخصيص ثلاثة مقاعد للنساء من أصل عشرة في دمشق لضمان تمثيل نسائي حقيقي.
وتشير حوصلي إلى أن "الكوتا النسائية" كانت مطبقة فقط على مستوى الهيئات الناخبة، وليس في مجلس الشعب نفسه، مما قلل من فرص النساء. وتؤكد أن الخلل لم يكن في الترشيح، بل في آلية الانتخاب واختيار الأصوات الفائزة، وأن النساء واجهن صعوبة في بناء تحالفات انتخابية متينة.
النائبة نور الجندلي، الفائزة في انتخابات مجلس الشعب عن حمص، أعربت عن أسفها لانخفاض نسبة تمثيل النساء في البرلمان، مشيرة إلى أن عدد الفائزات لا يتجاوز ثلاث أو أربع سيدات على مستوى سوريا، وهي نسبة "ضئيلة جداً" يجب رفعها إلى 20% على الأقل. وأوضحت أن الرئيس سيكون ملزماً بتعيين نحو 39 سيدة لاستكمال هذا التوازن، مؤكدة أن الأمل معقود على تحقيق تمثيل حقيقي وفاعل للنساء في المرحلة المقبلة.
وأكدت الجندلي أن محور التعليم شكّل الأساس في برنامجها الانتخابي، من خلال محو الأمية وتفعيل التعليم الرقمي وربط التعليم الجامعي بسوق العمل، إلى جانب الاهتمام بقضايا المرأة والشباب والتماسك الاجتماعي في مرحلة إعادة الإعمار. وتطمح أن تكون ممثلة حقيقية للنساء والسوريين جميعاً، وتسعى لتطوير القوانين التي تخدم حمص وسوريا.
من شمال سوريا، روت عليا أحمد، المرشحة عن دائرة أعزاز، تجربتها قائلة إنها كانت فخورة بخوض أول تجربة انتخابية لمجلس الشعب في سوريا الحرة. وعلى الرغم من خسارتها، إلا أنها تعتبر فوز شباب الثورة مكسباً. وتصف أحمد التجربة بأنها كانت "مدرسة في الإصرار والتحدي"، وتشير إلى وجود رفض مجتمعي لتصويت الرجال للنساء، بل وحتى من النساء تجاه بعضهن، وترى أن الحل يكمن في اعتماد مقاعد نسائية ثابتة ضمن البرلمان.
في دمشق، ضمت الهيئة الناخبة أكثر من 150 سيدة بنسبة 33% من مجموع الناخبين، ومع ذلك لم تصل أي امرأة إلى المراتب المتقدمة، مما يؤكد الحاجة الملحة لاعتماد كوتا نسائية لضمان تمثيل عادل ومنصف.
الصحفية لمى راجح، عضو "الشبكة السورية للصحفيات"، عبّرت عن خيبة أملها من نتائج العاصمة، مشيرة إلى أن دمشق التي عُرفت بتاريخها النسائي الحافل في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية، غابت نساؤها تماماً عن مجلس الشعب.
المحامية هدى سرجاوي ترى أن الإقصاء لم يكن قانونياً، بل ثقافياً واجتماعياً، وأن المجتمعات ما زالت تفتقر إلى الثقة بقدرة النساء على تمثيلها سياسياً.
وتجمع معظم المداخلات على أن الخلل في تمثيل النساء ليس مسألة عددية، بل بنيوية تحتاج إلى إصلاحات انتخابية عاجلة، تشمل اعتماد نظام كوتا نسائية داخل مجلس الشعب، وتطوير آليات فرز الأصوات، ودعم التحالفات النسائية والتدريب السياسي للمرشحات، والعمل على تغيير الثقافة الانتخابية لدى الناخبين من الجنسين. وتختتم بأن برلماناً بلا نساء هو برلمان بنصف المجتمع فقط.