تحت عنوان "شركاء الأمل بانتصار الثورة السورية"، استضافت العاصمة الفرنسية باريس حفل تكريم برعاية وتنظيم المجلس السوري-الفرنسي، وهي منظمة مجتمع مدني. وشهد الحفل حضور وفد من وزارة الخارجية والمغتربين السورية، بالإضافة إلى عدد من سفراء الدول الصديقة وشخصيات سياسية بارزة شاركت السوريين نضالهم على مر السنوات.
تزينت إحدى قاعات فندق "برج إيفل"، حيث أقيم الاحتفال، بالعلم السوري وشعارات الحرية. واستعادت وجوه، كانت بالأمس تملأ شوارع المدينة وساحاتها بالتظاهر والتنديد بجرائم النظام البائد، ذكريات السنوات الماضية. تحول الحفل من مناسبة رسمية إلى لقاء عائلي جمع أبناء الوطن الواحد الذين فرقتهم الحرب وجمعتهم الذاكرة.
علقت السيدة شيماء عبدالله، البالغة من العمر 56 عاماً، وهي إحدى الحاضرات: "انتهى زمن التظاهرات في الشوارع، صار لنا وطن ودولة يصل موفدوها ليشاركوننا فرحنا بالانتصار، ونعيد تنظيم صفوفنا، وننتقل من الفعل برمزيته ودلالاته إلى البناء والحوار والنقاش وتبادل الرؤى الأنسب لبلدنا".
من جانبه، أكد السيد علي الزرقان، رئيس المجلس السوري-الفرنسي، أن الاحتفالية عبرت عن شراكة جديدة مستمدة من روح الثورة السورية وانتصارها، والعهد على مواصلة مشوار البناء مع شركاء الأمل الذين كانوا سنداً للسوريين وثورتهم.
وأشار الزرقان إلى أن حضور السادة براء شكري، مدير إدارة أوروبا في وزارة الخارجية السورية، والدكتور محمد عبد السلام، مدير إدارة المغتربين والجاليات بالخارجية السورية، يبعث برسالة تقدير من الدولة السورية لمواطنيها في بلاد اللجوء والمهجر، وأن علاقة الشراكة والحفاظ على منجزات التحرير هي مسؤولية مشتركة بين الجميع.
واعتبر رئيس المجلس أن تكريم عدد من الشخصيات الرمزية، ممثلة بكل من الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، ورؤساء الدول الصديقة للثورة السورية، ووجوه قديمة من المعارضة السورية وشبابها ونسائها، هو رسالة للجميع، لكل الشركاء الذين تعذر حضورهم.
في ردهات الفندق الجانبية ولقاءات السوريين، برزت قصصهم وآراؤهم حول الحفل وتنظيمه ورعاته، وشكل الدولة وحلمهم بها مستقبلاً، وصولاً إلى خياراتهم بالمشاركة عبر الحياة السياسية والمؤتمرات الاقتصادية والنقابية والمهنية. وحضرت وجوه حملت قصص الأمس ومرارتها في اللجوء والمنافي والسجون والتهجير، فبرزت رسالة فريد الدهمان مكرماً بما نقله من آلاف صور المعذبين وأرقامهم ليتحول إلى "القيصر".
اعتبر أحمد خليل، البالغ من العمر 35 عاماً، أن الاحتفالية ليست فقط انتصاراً لثورة السوريين، بل رسالة لقدرة السوري وإيمانه ورسالته على أنه قادر على النجاح والانتصار. وعبر خليل، الذي وصل فرنسا مؤخراً، عن حلمه بالعودة إلى مدينته حمص قريباً: "هذا الحفل يعيد لي الإحساس بأن العالم لم ينسَ سوريا والسوريين وإن طالت محنتهم".
رأت السيدة الستينية ابتسام محمد أن الاحتفالية فرصة مهمة يجب استثمارها بدعوة ممثلي الحكومة السورية للتدخل مع الجانب الفرنسي لتذليل معوقات عودة السوريين لبلدهم، دون أن يخسروا إقامتهم وعائلاتهم في فرنسا، حتى ينتهوا من ترميم منازلهم وتسكين جراحهم ويتهيؤوا للعودة النهائية، وهذا يحتاج إلى ترتيبات لا يمكن إنجازها من دون الجوانب القانونية التي تحكم علاقة البلدين فرنسا وسوريا مستقبلا.
وتضيف السيدة التي لم تزر سوريا منذ التحرير: "إن غالبية السوريين لم تتح لهم بعد زيارة قبور ذوويهم، ولا زيارة أهلنا ومدننا. أرباب العائلات بغالبيتهم من ضباط جيش وشرطة وقضاة وصحفيين ومهندسين وجميع شرائح المجتمع السوري، لا يزال يحكمها صفة اللاجئ السياسي التي تمنع حاملها من مغادرة الأراضي الفرنسية، إلا ذهاباً من دون عودة. نريد من حكومتنا وممثليها في الخارجية السورية أن ينقلوا معاناتنا وحقوقنا للدولة الفرنسية، بتغيير نوع إقاماتنا من لاجئ إلى عائلية، فيتاح لنا بكاء على أرواح فقدناها، وبسمة نطلقها في حمص والجزيرة ودمشق ودرعا نطمأن بها على آمالنا بغد".
يشار إلى أن الاحتفالية كرمت مندوبي وزارة الخارجية الفرنسية وعدد من السفراء والنشطاء الفرنسيين، إلى جانب الحقوقي أنور مالك، و"القيصر"، كما تم تسليم درع الشكر لمندوب السفارة التركية، وإرسال دروع تقدير لكل من المملكة العربية السعودية ودولة قطر، والرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، والدكتور برهان غليون، والدكتور منذر ماخوس.
باريس- محمد العويد