الثلاثاء, 15 يوليو 2025 11:27 PM

برّاك يكرر خطاب جعجع: هل تلوح في الأفق حرب أهلية في لبنان؟

برّاك يكرر خطاب جعجع: هل تلوح في الأفق حرب أهلية في لبنان؟

لم يعد الهجوم الأميركي المتجدد على لبنان بحاجة إلى تبرير. فواشنطن لا تهتم بالدبلوماسية إلا بالقدر الذي يخدم مشروعها في تفكيك المنطقة. لم تدم "إيجابية" مبعوثها توماس برّاك طويلاً، إذ سرعان ما عاد إلى تكرار الأسطوانة نفسها: نزع سلاح حزب الله بأي وسيلة وبأي ثمن، حتى لو أدى ذلك إلى إشعال حرب أهلية جديدة. لم تعد واشنطن بحاجة إلى ستار لتغطية مشروعها التفتيتي، فمبعوثها يقول صراحة إن "الخوف من نزع سلاح حزب الله ومنع الحكومة اللبنانية من ذلك قد يؤدي إلى حرب أهلية".

يتطابق هذا مع ما قاله سمير جعجع، بنبرة لا تخلو من التناغم المشبوه، من أن نزع السلاح "ليس حرباً أهلية"، بل "فرض لهيبة الدولة". واشنطن لم تعد بحاجة إلى واجهات لبنانية موهومة، بل تبعث برسائلها مباشرة من على منابر دبلوماسية وبألسنة مبعوثيها. بين السطور، يمكن قراءة الرسالة بوضوح: "نزع سلاح حزب الله أو الحرب الأهلية".

يعيدنا هذا إلى لحظة مفصلية في تاريخ لبنان الحديث، حين وقف المبعوث الأميركي ريتشارد ميرفي عام 1988، وبلغة مماثلة، ليقول عبارته الشهيرة: "مخايل الضاهر أو الفوضى"، التي حدثت بالفعل ومهدت لسنوات من الدمار والانقسام.

الأسلحة التي نريد من حزب الله التخلي عنها هي تلك التي تهدد إسرائيل!

يدّعي برّاك أن بلاده لا تسعى إلى تفجير لبنان، ثم يهدد بضمه إلى بلاد الشام إن لم يذعن. ويتحدث عن قرار أميركي كبير بمساعدة لبنان، ولكن بشرط نزع سلاح حزب الله أياً تكن التبعات، وليس كل السلاح، بل "فقط السلاح الذي يؤذي إسرائيل"! هنا تتبدى وقاحة الموقف الأميركي: ما يهم هو أمن الكيان الصهيوني، ولو أدى ذلك إلى غرق اللبنانيين في دمائهم.

فيما كانت بعض الأوساط تحاول الترويج لفكرة أن برّاك يحمل مقاربة مختلفة وخطاباً أقل حدة من مورغان أورتاغوس، جاءت تصريحاته لتكشف وجهه الحقيقي: مبعوث إدارة قررت ألا تتعامل مع لبنان كدولة ذات سيادة، بل ككائن وظيفي مطلوب منه تنفيذ الأوامر الأميركية. أما تراجع برّاك عن توصيفه السابق لحزب الله كـ"جزء من المشهد السياسي"، وعودته لترداد الموقف الأميركي الرسمي الذي يصنف الحزب منظمة إرهابية، فليس ذلك مجرد زلة لسان صوبتها الخارجية الأميركية لاحقاً، بل تأكيد إضافي على أن واشنطن قررت تسكير كل الأبواب أمام أي محاولة لإيجاد صيغة تحمي الاستقرار الداخلي.

إشارته إلى "أننا لا نتعامل فقط مع حزب الله بل أيضاً مع معسكرات فلسطينية مسلحة"، تضيف عنصراً جديداً إلى "التهويل"، وتستكمل سردية قديمة تحاول تصوير الفلسطينيين كخطر أمني دائم، لتبرير التدخل الأمني الأميركي – الإسرائيلي في الداخل اللبناني.

من رسائل تصريحات المبعوث الأميركي، يمكن تصور طبيعة الرد الأميركي الذي تبلغه لبنان أمس على رد لبنان على الورقة الأميركية. ومع أن الجواب الأميركي بقي محاطاً بالكتمان، واكتفت مصادر بعبدا بالقول إن "الدولة ستدرسه"، إلا أن كلام برّاك كاف للقول إن واشنطن عادت إلى ما تضمنته الورقة التي حملها برّاك في زيارته الأولى، لجهة الطلب إلى الحكومة اللبنانية اتخاذ قرار بالإجماع بنزع سلاح حزب الله وفق جدول زمني محدد.

تصريحات برّاك ليست سوى إنذار مبكر. وهي تعني أن الخطة الأميركية دخلت مرحلتها التنفيذية، وأن المطلوب من اللبنانيين إما القبول بالشروط الإسرائيلية تحت عنوان "مساعدة أميركية"، أو مواجهة العواقب. أما جعجع، الذي اعتاد تكرار ما يملى عليه، فدوره أن يهيئ المسرح الداخلي لتمرير هذه الأجندة، بشعارات فارغة عن الدولة والسيادة.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الاخبار

مشاركة المقال: