الإثنين, 13 أكتوبر 2025 01:55 AM

تحسن محدود في النقل بحلب: حافلات جديدة تخفف الازدحام داخل المدينة وتجاهل للريف

تحسن محدود في النقل بحلب: حافلات جديدة تخفف الازدحام داخل المدينة وتجاهل للريف

حلب – محمد ديب: شهدت مدينة حلب مؤخرًا تحسنًا طفيفًا في قطاع النقل الداخلي، وذلك بعد إدخال حافلات جديدة للخدمة في بعض الخطوط، وعلى رأسها خط القلعة، الذي بات يشهد انتظامًا أكبر مقارنة بالأشهر الماضية. ومع ذلك، لا تزال العديد من المشكلات تعيق حركة النقل في أحياء المدينة والمناطق الريفية المحيطة بها، خاصة مع استئناف الدوام في المدارس والجامعات.

في حي صلاح الدين، أشارت نور العلبي، وهي طالبة جامعية، إلى أن دخول الحافلات الجديدة ساهم في تخفيف الازدحام وتقليل وقت الوصول إلى الجامعة. وأضافت في حديث لعنب بلدي، أن الضغط على بعض الخطوط الأخرى لا يزال مرتفعًا، لا سيما في ساعات الذروة، مما يجعل التنقل أمرًا غير مريح لبعض السكان.

وفي حي الهلك، أوضح عبد الرحمن عامر أن السرافيس المتجهة إلى مركز المدينة (باب جنين) لا تزال تعاني من الازدحام الشديد، مع نقص ملحوظ في عددها مقارنة بأعداد الركاب اليومية. أما في الأحياء البعيدة عن مركز المدينة، مثل طريق الباب وبستان الباشا، فلا تزال معاناة الركاب مستمرة، حيث يعتبر الانتظار لأكثر من نصف ساعة للوصول إلى العمل أو المدرسة أمرًا شائعًا.

كما رصدت عنب بلدي عدم التزام بعض سائقي السرافيس بإكمال خطوطهم، خاصة على خط الفردوس- الميسر، حيث يكتفي بعضهم بالوصول إلى حي الفردوس، مما يضطر الركاب إلى استقلال سرافيس أخرى للوصول إلى الميسر. وأكدت فاطمة عموري، من حي الميسر، لعنب بلدي، أن هذا الوضع يتسبب في ازدحام إضافي وتأخير كبير للركاب، خاصة في أوقات الذروة، مما يزيد من الضغط النفسي ويضاعف مدة الرحلة اليومية.

واقع نقل الأرياف

أما في الأرياف المحيطة بحلب، فتظل مشكلة النقل أكثر حدة وتعقيدًا، خاصة بالنسبة للعائلات التي تحتاج إلى التنقل بشكل يومي. وذكر محمد العلي، من قرية العيس في ريف حلب الجنوبي، أن سكان قريته يواجهون صعوبة يومية في التنقل إلى المدينة، حيث يضطرون إلى الانتظار لساعات طويلة للحصول على مقعد في سرفيس، وغالبًا ما تكون الحافلات والمركبات مكتظة، خاصة في أيام السوق أو عند الحاجة إلى زيارة الطبيب في المدينة.

وأضاف محمد، في حديث لعنب بلدي، أن بعض الركاب يلجؤون إلى دفع مبالغ إضافية لتأمين وسيلة نقل سريعة، مما يزيد من الأعباء المالية على الأسر في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية. وأشار إلى أن عدد السرافيس العاملة على خط العيس- حلب لا يتجاوز ثلاث مركبات فقط، وتعمل وفق مواعيد محددة، حيث تقوم كل سرفيس برحلتين يوميًا من وإلى المدينة، وتنتهي الرحلات في الخامسة مساءً، وبعد هذا التوقيت تتوقف حركة النقل إلى القرية، مما يجبر السكان على استئجار سرفيس خاص أو سيارة أجرة جماعية بأسعار مرتفعة.

وأوضح أن الأجرة الحالية تبلغ حوالي 12 ألف ليرة سورية للمسافة التي تقارب 30 كيلومترًا، مشيرًا إلى أن السائقين يحددون مواعيد مسبقة للمسافرين، وتبدأ الرحلات في السادسة صباحًا، مما يضطر السكان إلى تنظيم مواعيدهم بدقة لتأمين وسيلة نقل. ودعا العلي مديرية النقل إلى توفير حافلات تخدم معظم قرى الريف الجنوبي، مع زيادة عدد الرحلات اليومية لتشمل الفترة المسائية، معتبرًا أن هذه الخطوة ستخفف من المصاريف على السكان وتضمن استمرار حركة النقل في ساعات متأخرة. ورأى أن الاهتمام بالمناطق الريفية، وخاصة الجنوبية، لا يزال محدودًا، وأن الحاجة واضحة إلى خطط شاملة لتطوير النقل العام تشمل جميع الخطوط والمناطق، لتخفيف الأعباء اليومية عن السكان وضمان وصولهم إلى المدارس والمستشفيات والأسواق بسهولة وأمان.

في المقابل، ذكرت أميرة مصري، من سكان مدينة الباب بريف حلب الشمالي، لعنب بلدي، أن وضع النقل في منطقتها أفضل نسبيًا، حيث تتوفر السرافيس بشكل منتظم وتغطي معظم الخطوط بين الباب وحلب، بما في ذلك القرى المحيطة. وأوضحت أن المسافة بين المدينتين تقارب المسافة بين حلب والعيس، إلا أن أجرة السرفيس في خط الباب تبلغ حوالي 20 ألف ليرة سورية، أي ما يقرب من ضعف الأجرة في الريف الجنوبي، على الرغم من توفر النقل على مدار اليوم.

خطة للتوسع التدريجي

من جهته، أكد مدير النقل الداخلي في حلب، محمد الشيخ، أن التحسن الأخير يأتي ضمن خطة لتوسيع الخدمة تدريجيًا، موضحًا أن عشر حافلات جديدة دخلت الخدمة مؤخرًا، وأن المديرية تعمل حاليًا على دراسة الخطوط الأكثر جدوى لطرحها للاستثمار وفق دفاتر شروط مناسبة. وذكر الشيخ، في حديث لعنب بلدي، أن الخطوط الرئيسية التي تعتبر "الشريان الأساسي" للنقل في المحافظة تشمل: الدائري الشمالي، الدائري الجنوبي، الحمدانية، حلب الجديدة، وأن الأولويات في العمل تحدد وفق معايير تشمل الكثافة السكانية وحاجة كل منطقة.

وحول وضع النقل في الأرياف، أوضح أن المديرية تتلقى شكاوى المواطنين بشكل يومي، وتعمل بالتنسيق مع المجالس المحلية والبلديات والمخاتير لفتح خطوط جديدة في القرى والبلدات. لكنه أشار إلى أن العدد المحدود للحافلات يعود إلى تضرر أسطول النقل خلال السنوات الماضية، نتيجة استخدامه في "المجهود الحربي من قبل النظام البائد"، بالإضافة إلى ضعف الجدوى الاقتصادية لخدمة بعض الخطوط الريفية، مما دفع المديرية إلى تفعيل خطوط سرافيس بديلة بالتعاون مع مديريات المناطق والمجالس المحلية.

وبحسب مدير النقل، تعمل المديرية حاليًا على خطة استراتيجية تهدف إلى تطوير النقل العام، وتتضمن إدخال الحافلات الكهربائية إلى حلب لأنها أكثر كفاءة وصديقة للبيئة، بالإضافة إلى تنظيم مواقف حديثة ومريحة، وتفعيل النظام الإلكتروني في الحافلات لتتبع المواقع وتحديث نقاط التوقف والوصول. وفيما يتعلق بالأجرة والشكاوى التي أطلقها السائقون في وقت سابق، أشار إلى أن الدراسات التي أجرتها دائرة التعرفة أظهرت أن تسعيرة 2000 ليرة سورية تعتبر مناسبة لكل من أصحاب السرافيس والركاب، على الرغم من أنها "غير مجدية اقتصاديًا" للمؤسسة العامة لنقل الركاب.

إجراءات صارمة

اعتبر مدير النقل الداخلي في حلب، محمد الشيخ، أن المشكلة الأساسية تكمن في القدرة المالية للمواطن، مما يجعل من الصعب رفع الأجرة الحالية. وأكد الشيخ أن لدى المديرية قسمًا خاصًا لتلقي الشكاوى ورقيًا وإلكترونيًا عبر رقم مخصص، وأنها تتحقق من صحة الشكاوى وتتخذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين. كما شدد على وجود إجراءات صارمة لمحاسبة السائقين غير الملتزمين بخطوطهم أو بالأجرة، مشيرًا إلى أن المخالفات تسجل بشكل يومي بحق السائقين المخالفين.

ويمثل التحسن الجزئي في بعض الخطوط، مثل خط القلعة، مؤشرًا إيجابيًا على إمكانية تطوير النقل العام، ولكنه ليس كافيًا لتغطية احتياجات جميع السكان. كما أن التحسن الجزئي يحتاج إلى استمرارية ومتابعة لضمان أن يصبح النقل العام في حلب أكثر انتظامًا واستدامة، ليس فقط في خطوط محددة داخل المدينة، بل أيضًا في ريفها المحيط.

مشاركة المقال: