الأربعاء, 15 أكتوبر 2025 05:00 PM

ترامب والسلام: هل صنعه أم استثمره؟

ترامب والسلام: هل صنعه أم استثمره؟

صناعة الشعارات هي السمة المميزة للرئيس دونالد ترامب، والتي ربما لولاها لما تمكن من الوصول إلى البيت الأبيض. آخر هذه الشعارات كان ما ذكره في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، حين ادعى إنهاء عدد كبير من الحروب بوتيرة قياسية، واصفاً إياها بأنها حروب "لا يمكن إنهاؤها".

لكن الفجوة بين شعارات ترامب والواقع غير ثابتة. فسجله في إنهاء الحروب السبع يشوبه الغموض. وما يزيد الشكوك حول قدرته الشخصية في هذا المجال هو أخطاؤه في تسمية الدول المتحاربة، مثل "أبربيجان وألبانيا". قد يبدو هذا التشاؤم مبرراً، إذ يصعب على الرؤساء وقف حروب لا يعرفون أسماء الدول المنخرطة فيها، أو حتى موقعها الجغرافي. على سبيل المثال، من الصعب تصور حرب تندلع بين "كمبوديا وأرمينيا".

يصبح وقف الحروب أسهل عندما يتفق المتحاربون على التهدئة، ثم يحملون اتفاقهم إلى واشنطن للمصادقة عليه. هذا ما حدث مثلاً مع الهند وباكستان، وأذربيجان وأرمينيا.

هل ينطبق هذا على غزة؟

على عكس معظم النزاعات الأخرى، بذلت الإدارة الأمريكية جهداً حثيثاً لوقف هذه الحرب. لكن هذا الجهد لم يكن السبب الرئيسي في بداية الحل. كان الانتصار الإسرائيلي على "محور المقاومة" مساهماً أكبر في إمكانية قبول تل أبيب بوقف الحرب. يمكن التفكير في عدة نقاط. لو كان ترامب رئيساً خلال هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، لما قبلت إسرائيل بأي ضغط لوقف الحرب، وعلى الأرجح، لما فرض ترامب أي ضغط عليها قبل إنهاك "حماس".

كذلك، وبالرغم من أن ترامب شارك في قصف البرنامج النووي الإيراني، ثمة مؤشرات تفيد بأنه لم يكن ليقدم على هذه الخطوة لولا تدمير إسرائيل الجزء الأكبر من الدفاعات والصواريخ الباليستية الإيرانية. الاحتمال الأكبر هو أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أراد من حربه إفشال محادثات ترامب مع الإيرانيين، بعد تقارير عن إمكانية سماح الإدارة لإيران بحق امتلاك قدرات تخصيبية، وهو أمر أثار حفيظة "الصقور" في أميركا، من بينهم ديموقراطيون. بالتسلسل المنطقي نفسه، كان لوقف ترامب الحرب بين إسرائيل وإيران مفعول إعلاني لنهاية الأهداف الإيرانية الأساسية أمام الجيش الإسرائيلي.

ثالثاً، خسرت "حماس" ما يمكن أن تكسبه من إطالة المعركة. لم يعد الرهائن يشكلون ورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية التي أظهرت بوضوح أنها ستواصل الحرب على الحركة ولو خاطرت بحياة الرهائن. ويبدو، بحسب "وول ستريت جورنال" على الأقل، أن "حماس" كانت ستخسر الدعم الديبلوماسي من مصر وقطر وتركيا في حال رفضت الاتفاق. مع ذلك، لم يكن بإمكان هذا الضغط أن يحصل لولا تمتع ترامب بعلاقات إيجابية مع دول المنطقة، وعلاقة أمنية جديدة "شبه أطلسية" مع قطر. يضاف إلى ذلك قدرته على إحراج نتنياهو، عبر إظهاره غير مبالٍ بمصير الرهائن في حال رفض الاتفاق، وتمتعه بشعبية إسرائيلية تفوق شعبيته.

معنى أن تكون رئيساً أميركياً

تبقى قضية تصديق أن بإمكان أي رئيس إنهاء الحروب بمفرده قضية جدلية بالحد الأدنى. فالنزاعات تنتهي بتعب المتحاربين أو انقلاب موازين القوى. لكن الأكيد أنه مهما تكن أسباب السلام (أو الهدنة على الأقل)، تظل الولايات المتحدة وجهة العالم الأولى لمباركة الوضع المستجد. أن يكون على رأسها شخصية تحب الصفقات وتحسن استغلال الفرص مزية إضافية.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: