كريم حمادي: يعيش الاقتصاد العالمي حالة من القلق المتزايد بسبب تصاعد الصراع العسكري بين إسرائيل وإيران. تتردد أصداء الانفجارات في أسواق النفط والغاز والذهب والفضة والعملات الرقمية، حيث شهدت معظمها ارتفاعات متتالية، وسط مخاوف من تفاقم التوترات السياسية وتوسع نطاق الحرب واحتمال إغلاق مضيق هرمز الحيوي.
ارتفاع أسعار الذهب والفضة والعملات الرقمية: ارتفعت أسعار الذهب خلال تداولات الجمعة بنسبة 1.07% في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على إيران، لتصل إلى 3,423 دولارًا للأوقية، مقارنة بـ 3,396 دولارًا في ختام تداولات الخميس. وكان الملياردير المصري نجيب ساويرس قد توقع أن يصل سعر أوقية الذهب إلى 5 آلاف دولار خلال عام أو عامين.
كما ارتفعت أسعار الفضة، التي بدأت تجذب طلبًا واسعًا من المستثمرين باعتبارها ملاذًا آمنًا في ظل التوترات الجيوسياسية، بنسبة 0.18% لتصل إلى 36.3 دولارًا للأوقية.
على عكس المتوقع، انخفضت القيمة السوقية لسوق العملات الرقمية المشفرة بنسبة 2.51% إلى 3.27 تريليونات دولار، وتراجع سعر بيتكوين على مدار يوم واحد بنسبة 1.73% ليسجل 105 آلاف دولار، بإجمالي قيمة سوقية 2.08 تريليون دولار. وتوقع مايكل سايلور، رئيس مجلس إدارة شركة "ستراتيجي"، وصول سعر بيتكوين إلى حاجز المليون دولار، كما توقعت مؤسسة "آرك إنفست" أن يتراوح سعر أكبر وأشهر عملة رقمية في العالم بين 1.5 مليون و2.4 مليون دولار بحلول عام 2030.
ارتفاع أسعار الغاز والنفط: ارتفعت أسعار العقود الآجلة القياسية بنسبة 5.7% في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على إيران، مسجلة أكبر ارتفاع منذ أكثر من خمسة أسابيع. وارتفعت العقود الآجلة للغاز في مركز TTF الهولندي (المؤشر المرجعي لأوروبا) بنسبة 4.5% لتسجل نحو 34.2 يورو لكل ميغاواط/ساعة، مقارنة بـ 32.7 يورو في ختام تداولات الجمعة، وسط توقعات بمضاعفة السعر، خاصة في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا في حال إغلاق مضيق هرمز.
زادت أسعار النفط بنسبة 13% ثم ارتدت إلى مستوى يزيد قليلاً على 7% خلال مستهل تداولات الجمعة لتقترب من أعلى مستوياتها في أشهر عدة، وذلك جراء الضربات الإسرائيلية الواسعة النطاق ضد إيران، مما أثار المخاوف بشأن تعطل إمدادات النفط وتداعيات الحرب عقب الرد الإيراني المحتمل.
ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 5.1 دولارات أو نحو 7.4% إلى 74.43 دولارًا للبرميل مقابل 69.36 دولارًا في ختام تداولات الخميس، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 5.1 دولارات أو 7.5% إلى 73.15 دولارًا للبرميل.
حذر بنك "جيه بي مورغان تشيس" من قفزة قياسية محتملة لأسعار النفط قد تصل إلى 130 دولارًا للبرميل في السيناريو الأسوأ في الشرق الأوسط وسط مخاوف من شح الإمدادات في الأجل القريب.
أهمية مضيق هرمز: يتوقع خبراء الاقتصاد أن تكون أوروبا أكبر المتضررين في حال إغلاق مضيق هرمز أو تجنب الناقلات عبوره، حيث سيزيد ذلك من تكلفة شحن الغاز الطبيعي، خاصة وأن "القارة العجوز" تعتمد على غاز الشرق الأوسط بعد توقف إمدادات الغاز الروسي جراء حرب أوكرانيا. ويقول خبير الاستثمار الدولي ياسر غريب لـ"النهار": "تأتي الصين على رأس قائمة المتضررين في حال إغلاق المضيق، باعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم وتستورد أكثر من 40% من احتياجاتها النفطية من السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق، و60% من هذه الإمدادات تمر بمضيق هرمز".
ويضيف: "تأتي الهند في المرتبة الثانية، فهي تستورد نحو 70% من احتياجاتها النفطية من دول الخليج، وتعتمد على مضيق هرمز في هذه الإمدادات. وثالثًا اليابان التي تستورد نحو 90% من نفطها من الخليج، ورابعًا كوريا الجنوبية التي تعتمد بنسبة تفوق 75% من واردات النفط على دول تمر عبر مضيق هرمز، وخامسًا سنغافورة".
يذكر غريب أن نحو 17 إلى 20 مليون برميل من النفط الخام تمر بمضيق هرمز يوميًا، وهذا يعادل أكثر من 30% من صادرات النفط المنقولة بحرًا عالميًا، و20% من إجمالي الطلب العالمي على النفط، "وإذا اعتبرنا أن متوسط سعر برميل النفط يتراوح بين 80 و100 دولار، تصبح القيمة السنوية لصادرات النفط التي تعبر هرمز تتراوح بين 600 و700 مليار دولار سنويًا، ويضاف لها بين 50 و100 مليار دولار سنويًا للسلع غير النفطية التي تعبر المضيق سنويًا.