السبت, 20 سبتمبر 2025 02:05 AM

تفاصيل عرض الأصفري لاستثمار الغاز في سوريا: نظرة معمقة على المخاوف والانتقادات المثارة

تفاصيل عرض الأصفري لاستثمار الغاز في سوريا: نظرة معمقة على المخاوف والانتقادات المثارة

أثار عرض رجل الأعمال السوري، أيمن الأصفري، لاستثمار حقول الغاز السورية لمدة 25 عامًا نقاشًا واسعًا، سلطت عليه الضوء "زمان الوصل". يهدف هذا النقاش إلى ترسيخ حق السوريين في معرفة تفاصيل استثمار ثرواتهم الباطنية، ومدى توافق هذا الاستثمار مع المصلحة العامة، بعيدًا عن ممارسات حقبة "الأسدين".

في هذا السياق، قد تختلف وجهات النظر حول بعض النقاط التي وردت في مقال "زمان الوصل" الأول ومقال الزميل فؤاد عبد العزيز اللاحق.

"فترة الحصرية": ضرورة أم تقييد للشفافية؟

تعتبر مطالبة شركة "نوفاتيرا"، التابعة لأيمن الأصفري، بفترة "حصرية" مدتها 120 يومًا للتفاوض، من النقاط التي أثارت جدلاً، حيث اعتبرتها "زمان الوصل" تقييدًا للشفافية والمنافسة الحرة. ومع ذلك، يُعد هذا الإجراء شائعًا في الاستثمارات الضخمة، حيث تمنح "اتفاقية الحصرية" المستثمر فرصة لتقييم المشروع بدقة، وإجراء "الفحص النافي للجهالة" دون القلق من المنافسين.

يرى خبراء إدارة الأعمال أن "اتفاقية الحصرية" تعزز الثقة بين الأطراف المتفاوضة، وتظهر جدية الالتزام بإتمام الصفقة. وفي حالة شركة "نوفاتيرا"، ستقوم الشركة بإرسال خبراء لتقييم حقول الغاز السورية وإجراء الدراسات التقنية اللازمة، وهو ما يكلف ملايين الدولارات. خلال هذه الفترة، لا يعتبر من الإنصاف أن تتحمل "نوفاتيرا" هذه التكاليف دون أي التزام من الحكومة السورية، التي يمكنها الاستناد إلى اتفاقيات سابقة لتقييم العرض المبدئي.

الاستحواذ على حصص شركات أجنبية: احتكار أم حل واقعي؟

تضمن عرض "نوفاتيرا" مسعى للاستحواذ على حصص شركات أجنبية في حقول الغاز، كانت قد خرجت منها بسبب الظروف الأمنية والسياسية. ورأت "زمان الوصل" في ذلك مشروع احتكار شبه كامل لقطاع الغاز السوري. إلا أن هذه الشركات الأجنبية، في معظمها، غير راغبة في العودة إلى سوريا في المدى القريب، بسبب هشاشة الوضع الأمني والسياسي، وقضية الامتثال للعقوبات الغربية، بالإضافة إلى التهديد الأمني من تنظيم "الدولة الإسلامية – داعش".

في ظل هذه الظروف، يعتبر دخول شركة "نوفاتيرا" مخاطرة استثمارية تستحق التقدير، حيث تسعى الشركة للربح عبر درجة أعلى من المخاطرة، مقارنة بالشركات الغربية.

احتكار الغاز: بين الحاجة للاستقرار وضرورة المنافسة

أثار عرض الأصفري مخاوف بشأن خلق احتكار شبه كامل لقطاع الغاز السوري، حيث يستخدم توصيف "فترة الاحتكار الخاصة بنا" للإشارة إلى استثماره المزمع لجميع حقول الغاز في سوريا. في المقابل، يرى البعض ضرورة فتح المجال لمزايدات تنافسية. في الحالة السورية الراهنة، قد يكون منح الاحتكار مناسبًا لتوفير سرعة الاستثمار في مشاريع ضخمة، وتوفير موارد مالية سريعة، خاصة في ظل افتقار الدولة للبنية التحتية والخبرة اللازمة.

تقييم عرض الأصفري بالأرقام

تحتاج سوريا بشكل عاجل إلى توفير الغاز لسد العجز في الطاقة الكهربائية. تنتج سوريا حاليًا حوالي 7-8 مليون م3 من الغاز، بينما تحتاج إلى 15 مليون م3 لتوليد 4000 ميغاواط من الكهرباء. الغاز المنتج محليًا أرخص بنسبة 80% من المستورد، مما يجعل إيجاد مصادر محلية مستعجلة من الغاز ضرورة ملحة.

بالنظر إلى خبرة أيمن الأصفري واستعداد شركته للمخاطرة، يمكن اعتبار عرضه أحد أفضل السيناريوهات المطروحة لمصالح البلاد في الوقت الراهن. ومع ذلك، يجب تقليم "أظافر" حصرية "الاحتكار" عبر التفاوض، ووضع قيود على أسعار مبيع الغاز وضوابط "استرداد التكاليف".

الخلفيات السياسية: ضرورة تحييدها

إن الإشارة إلى ارتباط الأصفري بشبكات النفط العالمية وشركات الخدمات الغربية، أو التشكيك في وطنيته بناءً على مواقفه السياسية، أمر غير موفق. يجب أن ينحصر النقاش بالجوانب الإجرائية والتفصيلية للعروض الاستثمارية، مع تحييد السياسة جانبًا. فسوريا بحاجة لتلقف أي بادرة جدّية من جانب برجوازيتها المهاجرة، بدلًا من تبخيسها والانتقاص من وطنيتها.

مشاركة المقال: