الإثنين, 4 أغسطس 2025 07:32 PM

تقرير فوربس يكشف: عشر قوى خارجية تتنافس على مستقبل سوريا برؤى متباينة

تقرير فوربس يكشف: عشر قوى خارجية تتنافس على مستقبل سوريا برؤى متباينة

أفادت مجلة "Forbes" الأمريكية بأن الإنذار النهائي الذي قيل إنه سُلّم للقوات التي يقودها الأكراد في سوريا في أواخر تموز 2025، كشف عن حقيقة مفادها أنه بعد ثمانية أشهر من فرار بشار الأسد من دمشق، اشتدت المعركة من أجل مستقبل سوريا. ومع سيطرة حكومة أحمد الشرع المؤقتة على نحو 70% من الأراضي السورية، وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد على نحو 25-30% من الأراضي، أصبح السؤال حول مستقبل سوريا أكثر إلحاحاً وتعقيداً من أي وقت مضى. وبعيداً عن خطاب الوحدة، فإن مستقبل سوريا يتحدد من خلال رؤى منفصلة وقوى متطرفة تسعى إلى تحقيق أجنداتها الخاصة.

لعبة الشطرنج الداخلية

ذكرت المجلة أن أحمد الشرع، القائد السابق لهيئة تحرير الشام، الذي تحول من جهادي إلى رجل دولة براغماتي، يمثل محور الأحداث. وبعد دراسة نموذج حكمه في إدلب مقارنة بنماذج الحكم السورية الأخرى، تبين أنه يجسد أيديولوجية "هجينة" وليس موقفًا سياسيًا عمليًا بحتًا. وتسيطر حكومته، التي اعترفت بها واشنطن بعد رفع هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب في تموز 2025، على دمشق ومعظم المدن الرئيسية، لكن السيطرة لا تعني الاستقرار. فقد قُتل أكثر من 1500 علوي خلال 72 ساعة في آذار، بينما خلّفت اشتباكات السويداء في تموز مئات القتلى، مما كشف هشاشة وعد الشرع بحماية الأقليات.

وتهدف حكومة الشرع إلى إقامة دولة سورية مركزية تحت سيطرته، تتمتع بالاعتراف الدولي والقدرة على الوصول إلى الأصول المجمدة التي تبلغ قيمتها 400 مليون دولار، لتعزيز نفوذه وتأمين تفوقه العسكري. يسعى الشرع إلى دمج مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية تحت قيادته المباشرة لتعزيز قوته العسكرية، وذلك بسبب افتقاره إلى قوة واسعة النطاق ومنضبطة ومدربة. وتتطلب تكلفة إعادة الإعمار، التي تتراوح بين 250 و500 مليار دولار، مشاركة غربية وخليجية، مما يُجبره على تغيير توجهه البراغماتي. ومع ذلك، لن تتدفق الأموال دون استقرار في البلاد، وقد تدفع الأقليات ثمنًا أعلى لهذا الاستقرار.

أشارت المجلة إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، التي يبلغ عدد مقاتليها نحو 100 ألف مقاتل، وقعت اتفاقية اندماج مع دمشق في آذار 2025. وتستمد إيراداتها من إنتاج النفط من حقول تنتج حوالي 80 ألف برميل يوميا بحلول عام 2025، وهو انخفاض حاد عن إنتاج سوريا قبل الحرب والذي بلغ حوالي 385 ألف برميل يوميا في عام 2010، بسعر يقدر بنحو 30 دولارا للبرميل. وتتبنى قوات سوريا الديمقراطية نظامًا كونفدراليًا ديمقراطيًا، يفرض 40% من القيادات النسائية والتعددية العلمانية، وهو ما يتناقض مع النموذج الهجين المحافظ الذي تتبناه هيئة تحرير الشام.

تسعى قوات سوريا الديمقراطية إلى الحفاظ على نموذج الحكم الأوسع للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، ولا تسعى إلى الفيدرالية بل إلى الحكم الذاتي داخل سوريا، مع الحفاظ على هيكلهم العسكري وحماية التجربة الاجتماعية المتعددة الأعراق والأديان للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا والتي تعطي الأولوية لحقوق المرأة والمبادئ الطائفية. وبعد خسارة 11 ألف مقاتل في هزيمة داعش، ترى القوة التي يقودها الأكراد في الحكم الذاتي حمايةً وجوديةً من العدوان التركي، والجهادية السلفية، والأغلبية العربية، مدفوعة بالخيانات التاريخية التي ارتكبها الفاعلون المحليون والدوليون.

تسعى الأقليات الرئيسية الأخرى في سوريا، الدروز (3-5%)، والعلويون (10-12%)، والمسيحيون (5-10%)، إلى الحصول على ضمانات ضد الأعمال الانتقامية، وتميل إلى التشرذم في حال عدم تلبية مطالبها. ويسعى الدروز إلى حماية ذاتية في السويداء، ويطالب العلويون بضمانات أمنية، بينما يسعى المسيحيون إلى تمثيل مؤسساتي، مدفوعين بالبقاء الوجودي، معتبرين أن ضعف الدولة المركزية يحمي مصالحهم الطائفية أكثر من هيمنة هيئة تحرير الشام. إن الصدمة الجماعية الناجمة عن العنف الطائفي تجعل الحكم السلفي المركزي مرعبًا في غياب الحماية الصارمة.

القوى الخارجية

تسعى عشر قوى خارجية مهمة إلى تحقيق رؤى مختلفة لسوريا، وكل منها مدعومة باستثمارات ضخمة وخطوط حمراء متضاربة. بالنسبة للولايات المتحدة، إن عملية انتقالية منظمة تمنع عودة داعش مع الحفاظ على النفوذ المضاد لإيران. وتستعد واشنطن لتقليص وجودها من ثماني قواعد إلى قاعدتين، وتسعى إلى انتقال مُنظّم إلى حكومة الشرع مع الحفاظ على نفوذ قوات سوريا الديمقراطية ضد داعش وإيران. لقد استثمرت الولايات المتحدة مليارات الدولارات في الحملة ضد تنظيم داعش.

تهدف تركيا إلى القضاء التام على الحكم الذاتي الكردي، وتفكيك قوات سوريا الديمقراطية إلى وحدات فردية، حيث يُمثل ارتباط حزب العمال الكردستاني بوحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ) تهديدًا مُفترضًا لأمنها القومي. وتسعى فرنسا إلى عملية انتقالية شاملة في مرحلة ما بعد الأسد، مع التركيز على حقوق الأقليات (مثل المسيحيين) والاستقرار، وتخشى موجة هجرة أخرى قد تُعزز مكاسب اليمين المتطرف الانتخابية. وتتوافق مخاوف الهجرة مع سياساتها، بما في ذلك تعليق طلبات اللجوء بعد سقوط الأسد.

تسعى المملكة المتحدة إلى انتقال شامل نحو الاستقرار والأمن، مع دعم ثابت للشرعية على الرغم من العنف الطائفي. أما روسيا، فتهدف إلى الحفاظ على القواعد العسكرية والنفوذ بغض النظر عمن يحكم دمشق. وتوفر قاعدتا طرطوس وحميميم على موسكو مليارات الدولارات سنويًا مقارنةً باستعراض قوتها انطلاقًا من الأراضي الروسية. أما إيران، فهدفها الحفاظ على ممر بري لحزب الله، حتى في ظل وجود ضعيف.

تريد إسرائيل سوريا ضعيفة إلى الأبد وغير قادرة على شن تهديدات تقليدية، وتتطلب القيمة الاستراتيجية لمرتفعات الجولان ضمان عدم قدرة أي جيش سوري موحد على تحدي الضم الذي تم في عام 1981. وتدعم المملكة العربية السعودية الحكومة الجديدة التي يقودها السنة لمواجهة فلول إيران، ويمثل تعهد المملكة بإعادة الإعمار بقيمة 6.4 مليار دولار استثمارًا جيوسياسيًا في مواجهة طموحات طهران الإقليمية. وتسعى قطر إلى دعم إعادة الإعمار من خلال الاستثمارات في مجال الطاقة مع موازنة النفوذ ضد المنافسين. وتكشف صفقة الطاقة البالغة قيمتها 7 مليارات دولار والتي تم توقيعها في أيار 2025 عن مصالح اقتصادية.

تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى إقامة صفقات الموانئ والبنية التحتية لدمج سوريا في التجارة الإقليمية بعد سقوط الأسد. وتمهد صفقة ميناء موانئ دبي العالمية، البالغة قيمتها 800 مليون دولار، الطريق للإمارات نحو اندماج سوريا في الأسواق العالمية. أما الصين، فتنتظر عقود إعادة الإعمار مع تجنب الصراعات الحالية، وترى مبادرة الحزام والطريق الصينية في إعادة إعمار سوريا فرصةً للأجيال المقبلة.

مشاركة المقال: