أثار فوز الكاتب المصري محمد سمير ندا بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2025 عن روايته "صلاة القلق" جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية المصرية. انقسم المثقفون بين من رأى في الفوز إنجازاً لمصر يستحق التهنئة الجماعية، ومن اعتبره تتويجاً شخصياً للكاتب يستحق التقدير الفردي.
الاحتفاء "القومي" بالفوز، كما يراه البعض، يعكس شعوراً بالحاجة إلى اعتراف الآخر بالمنجز الأدبي المصري. ويرى هؤلاء أن عدم فوز كاتب مصري بالجائزة منذ سنوات لا يعني تراجع الأدب المصري، بل هو مجرد تأخر في التتويج. في المقابل، يرى معارضون أن هذا الاحتفاء يختزل قيمة المنجز الأدبي المصري في الجوائز، ويتجاهل حقيقة أن الرواية الفائزة لم تجد ناشراً مصرياً يتبناها.
عماد الدين الأكحل، أحد المعارضين، يرى أن التهنئة يجب أن تكون للكاتب محمد سمير ندا فقط، لأن الرواية لم تصدر عن دار نشر مصرية. ويتساءل عن أسباب ذلك، هل هو قصور من دور النشر المصرية، أم فقر في آليات تقييم الأعمال، أم تشدد في الرقابة الذاتية، أم توتر في الأجواء الثقافية؟
الوجيه في هذا المنطق، هو التساؤل عن التناقض بين التهليل بنسبة "الإنجاز" إلى مصر بينما الفائز نفسه لم يستطع نشر روايته في بلده. ويشبه البعض ذلك بفشل محمد صلاح في اللعب للأهلي أو الزمالك، وعدم تحوله إلى نجم عالمي إلا بعد الخروج من وطنه.
الروائي وجدي الكومي، المقيم في الخارج، رفض التهنئة "القومية"، وطالب بأن يتوجه الفرح إلى الكاتب، لأن المؤسسات الثقافية لم تقم بأي دور يذكر، ولم تمنح ندا أي جائزة محلية.
إشكالية أخرى فجرها البعض حول طباعة الرواية لدى "دار مسكيلياني" التونسية، بسبب رفض أربع دور نشر مصرية لها. ويرى هؤلاء أن هذا يعني أن "العجز" المؤسساتي يشمل القطاع الخاص أيضاً.
السجال العام تعلق بمشروعية التهنئة، هل هي للكاتب أم للدولة، وتخللته سجالات أخرى ثانوية. ويرى البعض أن هذه السجالات تعكس حالة الاستقطاب الحادة التي يعاني منها الوسط الثقافي المصري منذ ثورة يناير.
هذا المأزق يشوش على حيوية الثقافة المصرية، ويحول دون النقاش الجدي حول القضايا الثقافية والأدبية. فالاهتمام ينصب على قضايا هامشية، بينما يتم تجاهل النقاش حول جدارة رواية "صلاة القلق" نفسها.