انطلقت في اسطنبول ورشة عمل مشتركة بين مؤسسة "دار المخطوطات" وجهات حكومية سورية وتركية، تهدف إلى إعادة تأهيل "المكتبة الوقفية" في حلب، التي تضررت جراء الحرب، وإعادة المخطوطات الثمينة إليها، بالإضافة إلى توسيع نطاق عملها. الورشة التي عقدت في 12 حزيران، شهدت حضور محافظي حلب واسطنبول، عزام الغريب وداوود غول، إلى جانب ممثلين عن "دار المخطوطات" وأكاديميين عرب وعالميين.
الدكتور نبيل الفولي، نائب مدير "دار المخطوطات"، أوضح أن الورشة تمثل "ترتيبات تنظيرية" لإحياء المكتبة الوقفية، وتبادل الأفكار حول إعادة بنائها بنفس الهيكل والوظيفة، مع توسيع مهامها. وأشار إلى أن الورشة اتخذت خطوات عملية، بما في ذلك تحديد الموقع المستقبلي للمكتبة، وستقدم خطة لتنظيم العمل والعودة التدريجية، مع توسيع دورها ليشمل فروعًا وأنشطة أثرية أخرى، مثل تدريس العلوم وتعليم الخط.
مشاركة واسعة وخبرات متنوعة
شهدت الورشة مشاركة خبراء في مجال المخطوطات وصناع قرار، بهدف الجمع بين أصحاب الفكرة والسلطة التنفيذية، بحسب الفولي. من جانبه، أكد أحمد العبسي، مدير الثقافة في حلب، أن الورشة تهدف إلى بحث الإجراءات العملية وإيجاد مكان جديد للمكتبة "يليق بمكانتها"، بالتعاون مع وزارتي الثقافة والأوقاف، نظرًا لعدم إمكانية إعادة ترميم الموقع القديم. وأضاف أن مديرية الثقافة في حلب ستسهل جميع الإجراءات اللازمة لاستعادة المكتبة والتنسيق مع إدارتها لاختيار مبنى جديد واستعادة "الوجه الثقافي المهم" للمدينة.
الدكتور إدهام حنش، عضو منظمة "العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة" (إيسيسكو)، يرى أن أهمية الورشة تكمن في إحياء التراث الثقافي المادي وغير المادي لمدينة حلب، وخاصة مخطوطات المدينة ومكتبتها. واعتبر الورشة "فكرة ريادية" للنهوض بالمخطوطات وإعادة الحياة إلى المكتبة الوقفية، من خلال التحديثات التقنية والمعلوماتية والمعرفية.
واقترحت "إسيسكو" خلال الورشة إقامة مؤتمر دولي بمشاركة جميع الجهات المحلية والدولية والمنظمات والجهات المانحة والداعمة لتنفيذ هذا المشروع.
تاريخ عريق وأهمية ثقافية
أوضح أحمد العبسي أن بناء المكتبة الوقفية يعود إلى القرن السابع الهجري (قبل نحو 700 سنة)، مؤكدًا على "الأهمية الكبيرة" للمشروع في استعادة تراث المدينة وهويتها وأصالتها. المكتبة، التي كانت تقع في الطابق السفلي للساحة الخارجية للجامع "الأموي" في حلب، تحوي العديد من المخطوطات والكتب الأثرية. وقد تعرضت للدمار خلال سنوات الثورة السورية، جراء العمليات العسكرية، حيث قام ناشطون ومهتمون بالتراث بنقل والاحتفاظ بمقتنياتها إلى جانب مقتنيات تخص الجامع "الأموي".