الأربعاء, 6 أغسطس 2025 03:08 PM

حمص على شفا العطش: انخفاض تاريخي في منسوب عين التنور يهدد حياة الملايين

حمص على شفا العطش: انخفاض تاريخي في منسوب عين التنور يهدد حياة الملايين

تواجه محافظة حمص أزمة مياه حادة وغير مسبوقة، حيث انخفض منسوب مياه نبع "عين التنور"، المصدر الرئيسي لمياه الشرب في المدينة، إلى حوالي 32% فقط. هذا الانخفاض يهدد حياة أكثر من مليون ونصف المليون نسمة يعتمدون على مياه النبع منذ عقود.

على إثر هذا التراجع الخطير، أطلقت المؤسسة العامة لمياه الشرب حملة توعية عاجلة، تدعو السكان إلى ترشيد استهلاك المياه والتكيف مع نظام الضخ المتقطع، حيث تصل المياه إلى المنازل يوماً وتنقطع يوماً آخر.

مدينة حمص، التي كانت تُعرف بـ "جارة العاصي" و "مدينة الينابيع"، لم تعد تشهد تدفق المياه كما في السابق. فقد انخفضت كميات الضخ اليومية من 130 ألف متر مكعب في صيف العام الماضي إلى 80 ألف متر مكعب فقط هذا الصيف، أي بتراجع قدره 45%، وفقاً لبيانات مؤسسة المياه.

وصف المهندس محمد عبد الوهاب حسين، مدير الموارد المائية في حمص، الوضع بأنه "الأخطر منذ مئة عام". وأوضح في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن هطول الأمطار هذا العام لم يتجاوز 141 ملم، مقارنة بالمعدل الطبيعي البالغ 400 ملم، مما أثر بشكل مباشر على تدفق نهر العاصي الذي سجل أقل من 0-5 م³/ث عند سد الرستن في نهاية حزيران 2025.

حذرت دراسات سابقة من احتمال توقف نبع عين التنور عن الخدمة بحلول عام 2025 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات بديلة. وعلى الرغم من وجود مشروع استراتيجي يُعرف بـ "أعالي العاصي"، يهدف إلى استجرار مياه النهر وتنقيتها لتغطية نصف حاجة المدينة، إلا أن المشروع لم يخرج إلى حيز التنفيذ بسبب الإهمال.

لم تنجح الآبار الاحتياطية في حل المشكلة، حيث تضم حمص 52 بئراً، لكن معظمها خارج الخدمة نتيجة للحرب والإهمال. وفي محاولة لإنقاذ الوضع، تم إعادة تشغيل 12 بئراً فقط حتى الآن، مع وعود بإعادة تأهيل المزيد من الآبار في أحياء كرم الزيتون وباب السباع وكرم شمشم خلال الأسابيع المقبلة.

الأزمة المائية في حمص ليست مجرد مشكلة محلية، بل هي جزء من مشهد أوسع يفرضه تغير المناخ والجفاف المتكرر في سوريا، والذي أصبح يحدث مرة كل عشر سنوات بعد أن كان نادراً في الماضي. ومع استمرار انخفاض منسوب عين التنور، يزداد القلق بشأن مستقبل أكثر صعوبة إذا لم يتغير نمط الاستهلاك ويتم اعتماد خطط استراتيجية فعالة.

يقع نبع عين التنور على بعد حوالي 32 كم جنوب غرب مدينة حمص في مدينة القصير، ويعتبر المصدر الرئيسي لمياه الشرب لمدينة حمص ومناطق الريف الشمالي. يتغذى النبع من مجموعة ينابيع جوفية تعود إلى الحقبة الكريتاسية، ويستخدم محطة ضخ ومعالجة لضمان سلامة وجودة المياه.

تواجه حمص معركة مياه حقيقية، حيث أن كل قطرة يتم توفيرها اليوم قد تحدد مصير المدينة في المستقبل. وبالرغم من الجهود المبذولة لإعادة تشغيل الآبار البديلة، إلا أن المشكلة تتطلب حلولاً استراتيجية لإنقاذ حمص من احتمالات شح أسوأ في المستقبل.

مشاركة المقال: