الإثنين, 21 يوليو 2025 12:37 PM

خيارات سوريا المصيرية: بين قرارات السلطة وتطلعات الشعب نحو مشروع وطني جامع

خيارات سوريا المصيرية: بين قرارات السلطة وتطلعات الشعب نحو مشروع وطني جامع

يؤكد غزوان قرنفل على أنه لا يكفي أن تكون على حق، بل الأهم هو صوابية الخيارات لتحقيق هذا الحق. فالخيارات الصائبة لا تأتي بالإلهام، بل بسعة الاطلاع والتجربة العميقة، وتوسيع المشاورة، وإدراك التوقيت المناسب لاتخاذ القرار.

الخيار الخاطئ قد يقود إلى مسار مغاير، ليكتشف المرء متأخرًا أنه طريق باتجاه واحد، مما يضطره للاستمرار فيه على أمل إيجاد مخرج. ويرى الكاتب أن قرار التفرد بالسلطة وإقصاء الجميع عن المشهد العام، تحت شعار "من يحرر يقرر"، كان من أبرز الخيارات الخاطئة التي اتخذتها السلطة الحاكمة.

وفي محاولة لتزييف الوعي، سعت السلطة لإضفاء مشروعية على سلوكها عبر "الحوار الوطني"، لكنها سرعان ما أسست لمنظومة سلطوية متفردة، عبر إعلان دستوري يهدف إلى تنصيب حاكم مطلق السلطة، وذلك في سوريا التي خرجت من حرب مع دكتاتورية.

إقصاء المجتمع وإعادة بناء سلطة استبدادية مقرونة بسلوكيات فردية، واحتلال الفضاء الحكومي من قبل "المشايخ" وأنصارهم، وقرارات الفصل العشوائية وإغلاق المؤسسات الحكومية، بدا وكأنه تفكيك للبنية الإدارية للدولة، بسبب نقص الكوادر المؤهلة.

يضاف إلى ذلك إبرام صفقات مليارية دون رقابة مؤسسية أو احترام للآليات القانونية. كل ذلك رسم ملامح المشهد السلطوي للدولة القادمة في أذهان الكثير من السوريين، ممن أدركوا خطورة الوضع، بينما لا يزال البعض في غيبوبة الانتصار بالسلطة، مصرين على الاحتفاظ بها إلى الأبد.

ويرى الكاتب أن التوسل بالمشروعية من الخارج لا يبني سلطة وطنية، بل سلطة وظيفية. فالسلطة الوطنية تحتاج إلى مشروعية وطنية، لا تتحقق إلا بالتوافق على مشروع وطني يجمع السوريين على رؤية وهوية وطنية يشعرون بالانتماء إليها.

المشروعية الوطنية لها ثمن، هو احترام الحريات العامة، وعدم التدخل في حياة الناس، واحترام الدستور والحقوق الدستورية، والشراكة الوطنية في الحكم والثروة، والتداول السلمي للسلطة، واحترام حرمة الدم.

صحيح أن القرار الدولي يؤثر في وجود أي رئيس أو سلطة، لكن ذلك لا يلغي أهمية قرار الداخل في منح الشرعية. فالفاعل الخارجي يحتاج إلى شرعية الداخل وقدرته على الضغط.

ويحمّل الكاتب السلطة مسؤولية المقتلة التي حدثت في الجيش والأمن العام والسويداء، بسبب تغييب لغة العقل والحوار، واللجوء إلى سياسة الإخضاع لحفظ "هيبة الدولة"، مما أدى إلى مشهد دموي وشرخ مجتمعي.

ويرى الكاتب أن سوريا على عتبة نفق مظلم، لكن قرار الدخول أو الخروج منه لا يزال متاحًا. فالحكمة تقتضي وضع السوريين أمام مسؤولياتهم، والدعوة لمؤتمر حوار وطني شامل للتوافق على بناء الوطن السوري الذي يقر فيه الجميع بالشراكة الفاعلة في بنائه، وفق آليات دستورية مغايرة، وتوسيع صلاحيات المحافظات في إدارة شؤونها عبر مجالس حكم محلية، وإدارة شؤونها الأمنية المحلية، وحصول كل محافظة على حصتها العادلة من الثروة.

وذلك لا يلغي دور العاصمة في الإشراف على البلاد وإدارة شؤون الدفاع والأمن الوطنيين، وإدارة الثروة والموارد الوطنية، والتمثيل القانوني والدبلوماسي وإدارة العلاقات الدولية.

اليوم لم يعد متاحًا للسوريين ترف تجريب الخيارات، لأن ثمن الخيارات الخاطئة دم. فإن كانت سوريا لا تقبل القسمة، فيجب ألا تقبل الاستحواذ والاستفراد بها من فريق دون غيره. فسوريا التي تقبل الشراكة، هي وحدها سوريا القابلة للاستمرار، وهي الخيار الصائب الوحيد.

مشاركة المقال: